Wednesday 16 May 2012

أَحَقًا نَحْنُ الشَّعبَ الأرْدُنِيُّ حَمِيْرٌ أِوْلادُ حَمِيْرٍ؟!





أَحَقًا نَحْنُ الشَّعبَ الأرْدُنِيُّ حَمِيْرٌ أِوْلادُ حَمِيْرٍ؟!

16-05-2012 10:05 AM
طباعة




جراسا نيوز -

خاص - بقلم مُنْتَصِر بَرَكَات الزِعْبِيُّ- إنَّنَا نَعيشُ واقعًا أليمًا هذهِ الأيامِ مِمَّا نرَى ونَسمعُ مِنْ أولئِكَ المَوتُورِينَ الذينَ يَتطاولون بِرقابِهم القَصِيرةِ وقاماتِهم القَمِيئةِ ورؤوسِهم الفارِغةِ علَى شَعبِ الحَشْدِ والرِبَاِطِ .
أَيُطْعَنُ وَيُشْتَمُ الشَّعبُ الأردنيُّ ،أهلُ النَخْوَةِ والشَّهامةِ ،أردنُّ الأنصارِ ،أردنُّ الرِجَالِ ،أردنُّ النَّشَامَى ، ونَبقَى صَامِتينَ صَمْتَ القبورِ ؟ أوَصَلَ بِنَا الحالُ مِنَ الهوانِ لِيتَطاوَلَ علَى القِمَمِ الشَّمّاءَ : المُتَرَدِيَّةُ والنَطِيْحَةُ والمَوْقُوذَةُ ؟ لقدْ صَعَقَنَا الأقزامُ الذينَ يتطاولونَ علَى مَوائِدِ اللِئَامِ ،عندمَا صَدمَنَا 'خَالد طوقان' وَوَصَفَنا نَحُن الشَّعبَ الأردنيَّ بأنَّنا حَمِيرٌ أولادُ حمِيرٍ ،وأنَّنا مجموعةُ حَمِيرٍ وزَبَّالِينَ ،وأنَّنا عَاهَاتٌ ،وأنَّنا مَاسِحِيْ شَوارِع ،وأنَّ تفكيرَنا بِدائِيٌّ ،لا يَرْقَى وَالنَّوَوِيّ .
وليعلمْ طوقان وأمثالُه ،أنَّ اللهَ تعالى نَهَى عَن السخْرِيَةِ ،والاستخفافِ بالآخَرِينَ مَهمَا كانَتْ صِفَاتُهم وأوضاعُهم، فلعلَّ مَن يُسخَرُ مِنْهُ ويُنظَرُ إليْهِ نَظرَةَ احتقارٍ وازدراءٍ واستخفافٍ ؛ خيرٌ عندَ اللهِ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ السَّاخِرِ الَّذي يَعتَقِدُ الكمَالَ ، ويَرمِي غَيرَهُ بالنقصِ ويُعيِّره . يقولُ اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ )
وفي التعبيرِ القْرآنِيِّ إيحاءٌ خَفِيٌّ ،بأنَّ القِيمَ الظاهِرَةَ التِي يَرَاها الناسُ في أنفسِهِم ليْسَتْ هِيَ القيمُ الحقيقيَّةُ وليْستْ هي المِقياسُ ،التِي يُوزَنُ بها الناسُ وهي مِنْ قِيمِ الأرضِ ، فَمِيزان اللهِ يرفعُ ويخفضُ بغيرِ هذهِ الموازين فهناكَ قِيمٌ أخرَى، قدْ تكونُ خافيةً عليهم، يعلمُها اللهُ، ويزنُ بها العبادَ ،عَنْ أبي هُريْرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ عنْ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم - قالَ : (إنَّهُ لَيَأتِيَ الرَّجُلُ السَّمِينُ العَظِيمُ يومَ القيامَةِ لا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بعوضةٍ) متفق عليه .
إذًا ما الذيْ يُوزَنُ ؟ ظاهِرُ الحديثِ أنَّ الذيْ يُوزَنُ الإنسانُ ، وأنَّهُ يَخِفُّ ويَثْقُلُ بِحَسَبِ أعمَالِهِ قالَ رسولُ اللِه - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - : (إنَّ اللهَ لا يَنْظرُ إلَى صُوَرِكُمْ وأمْوَالِكُمْ ولكنْ يَنظرُ إلى قلوبِكُم وأعمَالِكُمْ)
فالسُّخْرِيَةُ لا تَنْبَعِثُ إلّا مِنْ نَفسٍ مُلوَّثةٍ بِجَراثِيمِ العُجْبِ ،والكِبْرِ ، فهوَ يَعْمَلُ علُى إِيذَاءِ مَنْ حَولِهِ بدافعِ الشُّعورِ بالفَوقِيةِ المُتَغَلْغِلَةِ فِي أعْمِاقِهِ.
والاستِهزاءُ والسُّخْرِيَةُ مَرَضٌ خَطِيرٌ ،وَرَذِيلَةٌ مِنْ أخسِّ رَذائِلِ البَشَرِ ،وَصِفَةٌ مِنْ أقْبَحِ صِفَاتِهِمْ ،وَهوَ خُلُقٌ ذمِيمٌ يَدلُّ علَى خِسَّةِ صَاحِبِهِ ،ولؤمِ طبْعِهِ ،وفَسَادِ نَشْأَتِهِ ،وانحِطاطِ مُسْتَوَاهُ.
إنَّ الاستهزاءَ والسُّخْرِيَةَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الشيْطَانِ الرَّجِيمِ إذْ أمَرَهُ اللهُ بالسجودِ لآدمَ - عَليْهِ السَّلام - فأبَى وَامتَنَعَ مستهزئًا بآدمَ قائلاً [أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ](الأعراف الآية 12) فاسْتْحقَّ بِهذَا الاسْتهزَاءِ أنْ يكونَ مَطروداً مَرجُوماً مَلعوناً مَحْروماً مِنَ الجَنَّةِ خالداً مُخلداً فِي النَّار وبِئْسَ المَصِيرِ. والاستهزاءُ أيضاً صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اليَهودِ الذينَ قالوا عَنْ خَالِقِهمْ ورَازِقِهمْ سُبْحَانَهُ: [يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا](المائدة الآية 64) وهَوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ المُنافقِين حَيثُ كانوا يَسْتهزِئون بالرَسُولِ - صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلم - وأصْحَابَهُ فنزلَ القُرآنُ يفْضَحُهُم: [قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ] (التوبة الآيتان 65، 66 )
إنَّ سُخْرِيَةَ الإنْسَانِ مِنْ أخِيهِ الإنسانِ مِعْوَلُ هَدْمٍ للعلاقاتِ الإنسانِيَّةِ ، وتمزِيقٌ للأُخوَّة الإيمانيَّةِ شرَّ مُمَزَّق، حيثُ يستعْلِي المَرْءُ بِمَالِهِ، أو حَسَبِهِ، أو جَاهِهِ أوْ مَنْصِبِهِ مُفَاخَرَةً ومُبَاهاةً وتَحقِيرًا للآخَرِين.
إنَّ المُجْتَمَعَ الفاضِلَ الذِي يُقِيمُهُ الإسلامُ بهدِى القُرآن، مُجْتَمَعٌ لهُ أدبٌ رفِيعٌ، ولكلِّ فردٍ فيهِ كرَامَتُهُ الَّتِي لا تُمَسُّ. وهِي مِنْ كَرَامَةِ المَجْمُوعِ . ولَمْزِ أيِّ فَرْدٍ هوَ لَمْزٌ لذاتِ النَّفْسِ، لأنَّ الجمَاعَةَ كُلها وَحْدَةٌ، كرامَتُها واحدةٌ.
فأفضلُ المُسْلِمِينَ ما أخبَرَنَا عنْهُ النَّبِيُّ - صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم - مِنْ حديثِ أبِى مُوسَى - رضِي اللهُ عنْهُ - أنَّهُ سألَ رسُولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ - قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ أيُّ المُسْلِمينَ أفضلُ ؟ قالَ: (مَنْ سَلِمَ المُسلِمونَ مِنْ لِسَانِهِ ويَدِهِ).
وعنْ حَارِثةَ بنَ وَهْبٍ أنَّهُ سمعَ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - قال:َ 'ألا أخبِرُكُمْ بأهلِ الجَنَّةِ ؟ ' قالوا: بلَى. قالَ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ -: 'كلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لوْ أقسمَ علَى اللهِ لأبرَّهُ '، ثمَّ قالَ : 'ألا أخبِرُكم بأهلِ النَّارِ؟ ' قالوا: بلَى. قالَ: 'كلُّ عتلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ'

No comments:

Post a Comment