Wednesday 11 July 2012

العصمص



العصمص

عبدالله الهريشات


     العصمص وما ادراك مالعصمص هو مقطعان في مقطع واحد سمعته اول مرة من صبي في احدى البقالات فالتفت اليه لاعرف ما يقول الصبي وقد ظننت ان به لوثة او انه لا يجيد النطق بالعربية اوانني اخطأت في السمع له واذ بالبقال يناوله شيئا ما فقلت للبقال ما سالك هذا الصبي ؟ فقال لي يا هذا انه يسال عن العصمص ، فقلت وما العصمص ؟! فقال لي ساخرا وهو يشير بيده هكذا (عص) وقد شدَّ على اصابعه في داخل قبضته وترك إبهامه حرا طليقا ممدودا ، ثم اردف فقال وهكذا (مص) واشار بابهامه الممدود وهو يضعه بين شفتيه وقد ضمَّهُما ومطِّهُما على إبهامه ثم رشف الهواء بهما ومطق لي بشدقيه المقعرتين مطقا دوى صداه المكان وهو يقول مقطعا الكلمة الى كلمتين وهكذا هو (العص...مص) ، وعندها انفجرت مقهقها ضاحكا على بطء فهمي عن فك سر المقطع الى مقطعين وعلى جهلي بالعصمص ، حيث لم اسمع به من قبل ولم اعصمص به لا عصا ولا مصا فكيف بهما معا .




وتبين لي بعد بحث ان هذا العصمص ما هو الا بوزا واسكيمو الاطفال الفقراء وهو عبارة عن ماء ملون وسكر يعمل كعصير مفرز في انبوبة بلاستيكيه يقضم راسها الطفل باسنانه لفتحها ثم يعصها بيده وهي في فمه ليمصها فتكون له مثل بوزا او اسكيمو او ايس كريم اولاد الذوات فسميت بذلك عصمصا ، وفي الولايات المتحدة الامريكية يدعونه الاطفال ببسيكو او ببسيكول ( Popsico او Popsicle ) .






والعص في اللغة (أساس البلاغة) ذكره ابن الطثرية فقال في معنى العص وكانه يعيش في زماننا عصر الفيزون وما ادراك مالفيزون فهو يعص ويرص كفل وجسد المرأة عصا ورصا فيثير الشهوة والجنون لكل ذي لب وعيون- و هذا يحتاج لمقال آخر-:


عقيلية أما ملاث إزارها**** قد عص وأما خصرها فبتيل


وفي رواية فَدِعْص وليس( قد عص) والدِّعْص هو كثيب الرمل الصغيرالمكورالمستديرالمرصوص تشبيها للكفل والارداف وفي ذلك قول المتنبي :


أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ.... وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ؟


فيصف حبيبته بالفتنة فذا قدها يتمايل كالغصن وهذا كفلها يترجرج مثل كرة الرمل وذاك ثغرها عند تقبيله يلمع كالبرق من شدة نصاعة بياض اسنانها .




وفي المحكم والمحيط الأعظم - عَصّ يَعَصُّ عَصاًّ: صلب واشتد. والعُصعُصُ والعُصعُوص: اصل الذنب، أنشد ثعلب في صفة بقر أو آتن:


يَلْمَعْنَ إذْ وَلَّيْنَ بالعَصَاعِص ***لَمْعَ البُرُوقِ في ذُرَا النَّشائِصِ


والنشائص هي السحاب المرتفع وفي هذا تشبيه بليغ لعصاعص الضباء تلمع في الشمس كلمع البرق في السحاب المرتفع.




وعلى هذا اشتق من العص العصعص او العصعوص وجمعه العصائص والعصاعص وعندنا في لغة اهل الطفيلة مفرده العصعوص وجمعه العصاعيص، وفي المحيط في اللغة : رجلٌ عصْعُص : قليل الخير.




واما المص في اللغة ففي ( أساس البلاغة) قال العجاج :


وصرت عبداً للبعوض أخضعا**** يمضي مص الصبيّ المرضعا


ومصّ الماء وغيره وامتصّه وتمصّصه وأمصصته إيّاه .وطابت مصاصته في فمي وهي ما امتصصت منه .


وفي( أنيس الفقهاء) الرضاع في اللغة مص الثدي من ادمية ، وفي الواقع ان المولود يولد حين يولد لا حول له ولا قوة الا المص وهو في هذا ماهر حاذق ثاقب أمهر من الرجال ذوي اللحى والشوارب . وفي (التوقيف على مهمات التعاريف) العب وهو شرب الماء بغير مص ومنه حديث الكباد من العب . وقال الفَرِيرِيُّ: مُصْ فَاكَ: مضْمِضْه.


وفي(الصحاح) للجوهري- العب: شرب الماء من غير مص . ويتبين ان العب غير المص وهو شرب الماء كالهيم كما ذكر في القران {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55].


وفي ( المعجم الوسيط ) ـ يقال مص من الدنيا نال القليل منها.


ومن هنا فالمصاصة هي بقية الشيء واخره وبقايا بقاياه ، وسميت حلوى الاطفال بالمصاصة لانهم يمصونها مصا ، ويسميها اطفال الغرب باللالي بوب وقد يمصها الكبار احيانا رجالا ونساء وليس فقط الاطافيل بل الرجاجيل لتردعهم عن تدخين السجائر والاراجيل ولتكون بديلا عنها او ليشعروا بالطفولة من جديد وبالدلع والتدليل على راي معظم الاقاويل .



ومن هذا يتبين ان العص والمص يكون للشيء الذي لا خير باق فيه.

ومن مظاهرالعص ما قاله ابن الرومي عن صاحبه عيسى يهجوه لبخله لانه يحاول العص على احدى منخريه ليتنفس ويمص الهواء فقط من منخره الاخر ففي التذكرة الحمدونية –


يقتر عيسى على نفسه ... وليس بباق ولا خالد

فلو يستطيع لتقتيره ... تنفس من منخر واحد



ومن مرادفات ومعاني العص والمص معنى العصر والمصر ففي (اساس البلاغة) تقول: فلان لا يمتاح نداه إلاّ عصراً ولا تحلب يداه إلا مصراً. وفي هذا المعنى حدثني ابو مصعب المحارمة قدس الله سره عن احدهم يتحدث عن خالته فقال لم ار ابخل من خالتي وحدث ان فأرا نط فوقع في وعاء سمن لها فاخرجت الفار من وعاء السمن فنفضته وعصته وعصرته ثم مصرته ومصمصته حتى لم تبق على وبره وجلده سمن ولا عسل .


وهكذا عملت حكوماتنا ومخابراتنا وديواننا ونوابنا والفاسدون منا ومنهم في البلاد والعباد.

ان فساد حكوماتنا المتعاقبات من سابقات ولاحقات قد خصخصتنا وخضخضتنا وعصعصتنا وعصرتنا ومصرتنا ثم مصمصتنا مثلما فعل ذاك الصبي في عصمصه و مثل ما فعل عيسى بمنخره و كما فعلت خالة احدهم بذاك الفار ، فالحكومات لم تبق فينا ولم تذر لا شحم ولا لحم ولا وبر، و حتى العظم منا دقته وسحقته وسحنته وعملت فينا شوربة ، فها قد امسى الاردن وشعبه عصمصا او فليسمه احدكم اسما جديدا مما يفتح الله عليه فتوح العارفين الضالعين في لغة الضاد وفي تراث الاجداد ، ولقد امست سياسات حكوماتنا سياسة عصمصية بامتياز فمن عصمصة الماء والكهرباء والبنزين والقوانين الى عصمصة الارض والانسان والنبات والحيوان ، ولو استطاعوا ان يرتقوا الى السماء فيعصمصوها لعصمصوها ، عصمصهم الله دنيا وآخرة ، ولو علمت بهم مراكز الجودة العالمية لاعطوهم نيشان الجودة في العصمصة ولوضعهم جينس في موسوعته العالمية لتحطيمهم الرقم القياسي في العصمصة والتي لن يصل اليه سواهم فيها ، فهل ابقوا لنا من الخير شيئا او عصمصا؟!.


وكل عصمص والشعب الاردني والشعوب العربية بالف خير ، هذا ان ابقوا له خيرا.

--------------------------


العصمص

عبدالله الهريشات
abdulhrish@yahoo.com

        العصمص وما ادراك مالعصمص هو مقطعان في مقطع واحد سمعته اول مرة من صبي في احدى البقالات فالتفت اليه لاعرف ما يقول الصبي وقد ظننت ان به لوثة او انه لا يجيد النطق بالعربية اوانني اخطأت في السمع له واذ بالبقال يناوله شيئا ما فقلت للبقال ما سالك هذا الصبي ؟ فقال لي يا هذا انه يسال عن العصمص ، فقلت وما العصمص ؟! فقال لي ساخرا وهو يشير بيده هكذا عص وقد شدَّ على اصابعه في داخل قبضته وترك إبهامه حرا طليقا ممدودا ، ثم اردف فقال وهكذا مص واشار بإبهامه ومدَّه الى شفتيه وقد ضمَّهُما ومطَّهُما الى إبهامه ثم رشف الهواء بهما ومَطَقَ لي بشدقيه مَطْقَاً دوى صداه المكان وهو يقول مقطعا الكلمة الى كلمتين وهكذا هو (العص...مص) ، وعندها انفجرت مقهقها ضاحكا على بطء فهمي عن فك سر المقطع الى مقطعين وعلى جهلي بالعصمص ، حيث لم اسمع به من قبل ولم اعصمص به لا عصا ولا مصا فكيف بهما معا .

وتبين لي بعد بحث ان هذا العصمص ما هو الا بوزا واسكيمو الاطفال الفقراء وهو عبارة عن ماء ملون وسكر يعمل كعصير مفرز في انبوبة بلاستيكيه يقضم راسها الطفل باسنانه لفتحها ثم يعصها بيده وهي في فمه ليمصها فتكون له مثل بوزا او اسكيمو او ايس كريم اولاد الذوات فسميت بذلك عصمصا ، وفي الولايات المتحدة الامريكية يدعونه الاطفال ببسيكو او ببسيكول ( Popsico او Popsicle ) .

والعص في اللغة (أساس البلاغة) ذكره ابن الطثرية فقال في معنى العص وكانه يعيش في زماننا عصر الفيزون وما ادراك مالفيزون فهو يعص ويرص كفل وجسد المرأة عصا ورصا فيثير الشهوة والجنون- وهذا يحتاج لمقال آخر-:
عقيلية أما ملاث إزارها**** قد عص وأما خصرها فبتيل


وفي رواية (فَدِعْصٌ) وليس( قد عص) والدِّعْص هو كثيب الرمل الصغير المكورالمستديرالمرصوص تشبيها للكفل والارداف وفي ذلك قول المتنبي :
أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ... وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ؟

فيصف حبيبته بالفتنة فذا قدها يتمايل كالغصن وهذا كفلها يترجرج مثل كرة الرمل وذاك ثغرها عند تقبيله يلمع كالبرق من شدة نصاعة بياض اسنانها .

وفي المحكم والمحيط الأعظم - عَصّ يَعَصُّ عَصاًّ: صلب واشتد. والعُصعُصُ والعُصعُوص: اصل الذنب، أنشد ثعلب في صفة بقر أو آتن:

يَلْمَعْنَ إذْ وَلَّيْنَ بالعَصَاعِص ***لَمْعَ البُرُوقِ في ذُرَا النَّشائِصِ

والنشائص هي السحاب المرتفع وفي هذا تشبيه بليغ لعصاعص الضباء تلمع في الشمس كلمع البرق في السحاب المرتفع.

وعلى هذا اشتق من العص العصعص او العصعوص وجمعه العصائص والعصاعص وعندنا في لغة اهل الطفيلة مفرده العصعوص وجمعه العصاعيص، وفي المحيط في اللغة : رجلٌ عصْعُص : قليل الخير.

واما المص في اللغة ففي ( أساس البلاغة) قال العجاج :

وصرت عبداً للبعوض أخضعا**** يمضي مص الصبيّ المرضعا

ومصّ الماء وغيره وامتصّه وتمصّصه وأمصصته إيّاه .وطابت مصاصته في فمي وهي ما امتصصت منه .

وفي( أنيس الفقهاء) الرضاع في اللغة مص الثدي من ادمية ، وفي الواقع ان المولود يولد حين يولد لا حول له ولا قوة الا المص وهو في هذا ماهر حاذق ثاقب أمهر من الرجال ذوي اللحى والشوارب . وفي (التوقيف على مهمات التعاريف) العب وهو شرب الماء بغير مص ومنه حديث الكباد من العب . وقال الفَرِيرِيُّ: مُصْ فَاكَ: مضْمِضْه.

وفي(الصحاح) للجوهري- العب: شرب الماء من غير مص . ويتبين ان العب غير المص وهو شرب الماء كالهيم كما ذكر في القران {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55].

وفي ( المعجم الوسيط ) ـ يقال مص من الدنيا نال القليل منها.

ومن هنا فالمصاصة هي بقية الشيء واخره وبقايا بقاياه ، وسميت حلوى الاطفال بالمصَّاصَّة لانهم يمصونها مصا ، ويسميها اطفال الغرب باللولي بوب(Lollipop) وقد يمصها الكبار احيانا رجالا ونساء لتردعهم عن تدخين السجائر والاراجيل ولتكون بديلا عنها او ليشعروا بالطفولة من جديد .






ومن هذا يتبين ان العص والمص يكون للشيء الذي لا خير باق فيه.
ومن مظاهرالعص ما قاله ابن الرومي عن صاحبه عيسى يهجوه لبخله لانه يحاول العص على احدى منخريه ليتنفس ويمص الهواء فقط من منخره الاخر ففي التذكرة الحمدونية –
يقتر عيسى على نفسه ... وليس بباق ولا خالد
فلو يستطيع لتقتيره ... تنفس من منخر واحد

ومن مرادفات ومعاني العص والمص معنى العصر والمصر ففي (اساس البلاغة) تقول: فلان لا يمتاح نداه إلاّ عصراً ولا تحلب يداه إلا مصراً. وفي هذا المعنى حدثني ابو مصعب المحارمة قدس الله سره عن احدهم يتحدث عن خالته فقال لم ار ابخل من خالتي وحدث ان فأرا نط فوقع في وعاء سمن لها فاخرجت الفار من وعاء السمن فنفضته وعصته وعصرته ثم مصرته ومصمصته حتى لم تبق على وبره وجلده سمن ولا عسل . وهكذا عملت حكوماتنا ومخابراتنا وديواننا ونوابنا والفاسدون منا ومنهم في البلاد والعباد.

ان فساد حكوماتنا المتعاقبات من سابقات ولاحقات قد خصخصتنا وخضخضتنا وعصعصتنا وعصرتنا ومصرتنا ثم مصمصتنا مثلما فعل ذاك الصبي في عصمصه و مثل ما فعل عيسى بمنخره و كما فعلت خالة احدهم بذاك الفار ، فالحكومات لم تبق فينا ولم تذر لا شحم ولا لحم ولا وبر، و حتى العظم منا دقته وسحقته وسحنته وعملت فينا شوربة ، فها قد امسى الاردن وشعبه عصمصا او فليسمه احدكم اسما جديدا مما يفتح الله عليه فتوح العارفين الضالعين باللغة ، ولقد امست سياسات حكوماتنا سياسة عصمصية بامتياز فمن عصمصة الماء والكهرباء والبنزين والقوانين الى عصمصة الارض والانسان والنبات والحيوان ، ولو استطاعوا ان يرتقوا الى السماء فيعصمصوها لعصمصوها ،عصمصهم الله دنيا وآخرة ، فهل ابقوا لنا من الخير شيئا او عصمصا؟!.

وكل عصمص والشعب الاردني بالف خير ، هذا ان ابقوا له خيرا.


 
-----------------------------------------------------------------------------------------

No comments:

Post a Comment