Thursday, 12 July 2012

حل وسط *للدكتور محمد المجالي

حل وسط *للدكتور محمد المجالي

 
[7/12/2012 2:11:32 AM]

عندما يتمسك كل برأيه، ولا وسيلة للحوار، ويظن كل من الطرفين أن كلمته ينبغي أن لا تسقط أو تغيَّر، حينها نكون قد ابتعدنا عن القيم الحضارية، خاصة إن كانت متعلقة بشؤون شعوب ومستقبلها، أقول هذا لطرفي النزاع: الحكومة والمعارضة على اختلاف مرجعياتها وخلفياتها.

والذي يعنيني هنا هو موضوع الصوت الواحد، وواضح من خلال مجريات إجازة القانون في مجلسي النواب والأعيان بهذه السرعة أنه مفروض بهذا الشكل، ثم تمت عليه جراحة تجميلية خفيفة من أجل إرضاء المعارضة، وطلب الملك تعديل القانون وإعطاء تمثيل للأحزاب أكثر، وتم هذا بسرعة عجيبة وبلا أدنى مراجعة توقعها الناس ولو مجاملة، فكان ما كان.

هذا من طرف الحكومة والسلطة التشريعية، أما من جهة المعارضة، فقد تتمسك برأيها في عداء مبدأ الصوت الواحد ابتداء، لأنه –في نظرها- سبب كل الانتكاسات التي أصابت الحياة الديمقراطية منذ 1989، وهو الوسيلة الوحيدة التي استطاعت الحكومة وأجهزتها من خلاله تحجيم المعارضة، خاصة الإسلامية، ومورست وسيلة أخرى خسيسة شوهت تاريخ الأردن وأفسدت علاقات أبنائه وبناته، وهي التزوير العلني، وانتشار مبدأ المال السياسي، ليطفو على سطح الحياة البرلمانية من هم لا بأهل حل ولا عقد في الغالب.

ولأن الأردن يستحق منا أفضل صورة وأنصعها وأجملها، وبعيدًا عن التوجسات والتخوفات وزعم استشراف مستقبل مبهم، فإنه لا بد من حل وسط للأزمة التي يشوهها انعدام الثقة بين الطرفين، والحل الوسط هو بالإبقاء على مبدأ الصوت الواحد، ولكن بتقسيم كل دائرة إلى دوائر معلنة لا وهمية (كما هي البدعة الأردنية غير المسبوقة في عام 2009)، فلا يستقيم الوهم وإرادة التغيير والإصلاح، لا ينسجم الوهم مع الحقيقة التي ينبغي أن تسود ونحترمها.

إن تقسيم الدائرة إلى دوائر، كل واحدة منها لنائب واحد وصوت واحد وناخب واحد لهو الموجود في معظم الدول الراقية، إضافة إلى القائمة الممثلة للأحزاب بالصيغة التي ترفع من شأن الحياة الحزبية المسؤولة المنظمة للحياة ومؤسسات المجتمع المدني.

إنه من الممكن أن يصدر نظام أو تعليمات حول هذا الشأن التقسيمي للدائرة إلى دوائر معلنة، وبهذا نرضي أطراف النزاع، أما أن يبقى مفهوم الشك والتخوين كلٌ تجاه الآخر، أو أن يغلب ويعشعش في رأس جهات تدعي الحرص على مصلحة البلد أن هذا الحل أيضًا في صالح المعارضة، ليبقى التوجس والتخوف، فهذا لن يأتي بخير، وسنبقى في حلقة مغلقة من الاتهام والتخوين، فارحموا الأردن وانتقلوا به إلى الاستقرار والارتقاء، ولتأت الديمقراطية بمن تأتي ما دامت النزاهة سيدة الموقف، وما دام الشعب يختار ممثليه.

No comments:

Post a Comment