'صناعة' الـفـسـاد !! .. في المملكه الاردنيه الهاشميه
وطــــــــن
نـــيــــوز / خــاص وحــصــري
تتميز الدول والشعوب عن بعضها بصفة او
صفات تكون خاصة بها وتجعلها مختلفة عن غيرها حتى لو تشابهت بالعصر الحاضر بكثير من
الصناعات الثقيلة وثورة تكنولوجيا المعلومات والاستفادة من الفضاء وتقدم علوم الطب
والهندسة ...... الخ
ان الصناعة تعني كل شىء بالمفهوم الواسع
للكلمة,فالسياحة صناعة,والتعليم صناعة,وادارة صحة المواطن صناعة,والزراعة صناعة
.........الخ بالاضافة الى الصناعة بمعناها التقليدي الذي نعرفه جميعاَ .
المملكة الاردنية الهاشمية يوجد بها صناعات خفيفة بدأت بالاختفاء
لمزاحمة صناعات الاخرين كأختفاء بعض العادات الحميدة امتاز بها الشعب الاردني
.
لكن بالمقابل نمت وازدهرت بالمملكة صناعة جديدة وخاصة بالعقد الاخير الا
وهي صناعة الفساد !! جعلت من المملكة ما يميزها عن باقي دول العالم من حيث نوعية
الفساد ( بيع المؤسسات الوطنية ) ومن حيث الكمية وهي نسبة المديونية الى الناتج
القومي الاجمالي ( 23 مليار دولار ), ونمو صناعة الفساد بالنسبة الى عدد السكان ( 5
ملايين حتى 2010/12/31 ).
اما اهم نقطة في صناعة الفساد لدينا وما يلفت
الانتباه للمواطن والمراقب المحايد ومع جود الفساد المستشري في كل الاتجاهات , انه
لا يوجد فاسدين!!!!!!.
وهي ميزة تكاد تكون المملكة هي الوحيدة بالعالم بهذه
الخاصية, ومن ميزات هذه الصناعة , اسماء الاشخاص المتورطين او المتهمين ,والاهم من
كل ذلك انها ادت او ستؤدي الى رهن الارادة السياسية والاقتصادية للوطن والمواطن
حالياَ وللأجيال القادمة,والادهى والامر ان المسؤولين ومن اعلى المستويات لا يزالوا
يعتبروا الاردنيين جهلة كما تعودوا على ذلك خلال عقود .
منذ ان قامت "
ثورات " الشعوب في تونس ومصر وغيرها وازاحت انظمة بوليسية,ازاحت الشعوب العربية
ايضا عن وجهها غشاء القبول بالواقع المؤلم وهدمت حاجز الخوف من السُلطة والنظام
المتجبر بها وكشفت كذب و"هيلمة " الانظمة,عندما اكتشفت الفساد وامراءه, ولا يختلف
الشعب الاردني عن هذه الشعوب باكتشافته , وان ما يراه من محاكمة لبعض اكباش الفداء
هو فقط للتغطية على الفاسدين والفاسدات الكبار الكبار .
الفساد عندنا
بالمملكة يأخذ اشكال تشبه الاشكال الهندسية التي تعلمناها بالمدرسة وبالصفوف الاولى
والمتوسطة , فعرفنا المثلث,المربع,الهرم,المستطيل,المخروط (الخازوق ),المكعب,الشكل
الاسطواني ....الخ
منذ ان انكشف المستور ونحن افراد الشعب نصفع كل صباح بقضية
فساد مالي او اداري او اقتصادي فلا نصحوا من قضية ونعتقد انها الاخيرة ,حتى يُكشف
عن اخرى اما من الصحافة الاجنبية او من احد الشركاء الفاسدين او من موظف صغير او
كبير, او قضية كبرى او صغرى, فمن قضية موارد,ميناء العقبة, الفوسفات ،
البورصات,شركة الكهرباء,الاسمنت,سكن"كريم",البوتاس,الملكية, تأجير اراضي الديسي,
الاتصالات,الباص " السريع", امانة عمان, المصفاة,اريفا الفرنسية, تسجيل اراضي
الدولة بأسماء بعض المتنفذين او المتنفذات او اقاربهم وغيرها , واخرها وليس
نهايتها على ما يبدو اتفاقية غاز الريشة مع بريتش بتروليوم ,في بعض قضايا الفساد
تجدها على شكل المثلث المتساوي الاضلاع او المربع بحيث تظهر اسماء السُراق فيها
متساوية بالمسؤوية ومقدار الاموال المنهوبة,او على شكل المستطيل التي يكون الحرامية
فيها قسمبن,قسم بلع الحصة الاكبر وعادة ما يكون من الصف الاول بالمؤسسة يليه الصف
الثاني بكمية البلع .
اما المؤسسات التي تجاوز عددها ال 60 مؤسسة
والتي هي افرازات لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي والتي عرابها مخرب الدولة
الاردنية , والذي لا يزال يصول ويجول من خلف الكواليس والتي تستنزف ملياري دينار
سنوياَ والتي انشىء اكثرها لتنفيع البعض واكثرها ايضاَ موازي للوزارات, فأنها تشبه
الشكل الاسطواني ( المدحلة ) والتي تسوي اقتصاد الاردن بالارض بالذهاب والرجوع دون
ان ترفع اي عمد,ولكنها دائماَ تبقى كالمخروط الذي وضع للشعب الاردني ما دامت قائمة
,وكانت مثل المكعب المصمت من حيث ضخامة المليارات اتي نُهبت بأسم انشائها , والتي
ذهبت الى خارج البلاد ,بعد ان شُفطت من تعب المواطنين وارزاقهم ,لشراء القصور او
اقامة الشركات بالدول الاجنبية للابناء او الانسباء واعطاء الفتات منها للمحاسيب او
الوكلاء المحليين ,او تبديد قسماَ منها على موائد القمار, او شراء اليخوت والجُزُر,
او تكديس النفائس وما يلمع من المجوهرات والذهب والفضة , او لِبسٍ الحرير او ما
شابه السندس والاستبرق .
اما من المخاريط التي وضعت للشعب الاردني والتي
يحاول نزعها او نزع نتائجها فهي انتخابات 2010 والتي شهد لها الداخل والخارج بعدم
نزاهة وقانونية اكثرية افرازاتها من نوائب الامة والشعب . من المخاريط الجديدة
قانون الضمان الاخير والذي جبً ما قبله وظلم مئات الاف من المواطنين, مع ان القاعدة
القانونية تقول : ان العقد شريعة المتعاقدين .
*بلغت المنح واقول المنح
والهبات (وهي غير مستردة ) منذ 1999 وحتى 2010 مبلغ 10,186 مليار,اما في 2011
فقاربت ال 500 مليون دينار ( راجع موقع وزارة التخطيط وموقع وزارة المالية- المالية
العامة ) منها ما دخل الميزانيةومنها لم يُسجل ولا احد يستطيع ان يعرف كيف " تبخرًت
" الا الذين " شفطوها" مباشرة او عن طريق مشاريع بُولغ في كلفتها واعطيت لتنفيذها
لاشخاص قريبين من اصحاب او صاحبات القرار او محسوبين على النظام من قريب او من بعيد
.
واكثر هذه المساعدات تأتي من دول عربية (صندوق التنمية الكويتي, المملكة
العربية السعودية , الامارات العربية, وغيرها من دول عربية اخرى , وللعلم فهي
مساعدات ومنح غير مشروطة ) وتأتي ايضا من دول كالولايات المتحدة – وكالة الانماء
الامريكية الدولية (وهي دائماَ بشروط) ومن اليابان ودول الاتحاد الاوربي, وبعض
المنح النفطية من دول الخليج العربي , وفي هذا المقام , يجب ان لا ننسى المنحة
النفطية العراقية والتي استمرت لأكثر من 11 عام في عهد نظام الشهيد صدام حسين ,
والتي تقدر بأكثر من 10 مليار دينار ( 14 مليار دولار امريكي ) والتي توقفت يوم
احتلال امريكا للعراق,والتي قدمت مجاناَ للاردن.
في زيارته الاخيرة (عام
2010 ) للاردن قدم العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز تبرعاَ للاردن 600
مليون دولار لبناء مدينة اسكانية بجانب مدينة الزرقاء , اسمتها الحكومة بأسمه,
وقامت ببيعها للمواطنين مع فوائد اصبحت اليوم شبه خرائب ولم يسكنها الا اعداد
محدودة من "المستفيدين " لسؤ التنفيذ بالبناء والتشطيب,والسؤال من تصًرف بالمال ومن
اخذ مقاولة المشروع ؟ .قدم العاهل السعودي ايضاَ في نهاية العام المنصرم منحة
لللاردن 400 مليون دولار اتبعها ب مليار دولار,ولم يوضح للحظة كيف واين صُرفت ما
عدا ال100 دينار التي اعطيت "مكرمة" لموظفي القطاع العام وقيل لرفد الخزينة
؟؟
اما عوائد ما سمي بالتخاصية او الخصخصة نتيجة برنامج
ما سمي التحول الاقتصادي والاجتماعي المشؤوم بعد خصم المصاريف وخصم عمولة الوساطة (
مثلاَ البوتاس) نتيجة بيع كل او جزء من الاتصالات ( 468 مليون دينار) ,الاسمنت (80
مليون ),الملكية (63 مليون), البوتاس (87 مليون) وشركات اخرى مثل الاسواق
الحرة,العامة للتعدين,مصفاة البترول ...الخ وتبلغ عشرات الملايين ( راجع نشرة مالية
الحكومة – وزارة المالية) ولم يرى الناس اي تحسن يذكر في مستوى معيشتهم ,الا من كان
وكيلاَ او سمساراَ لمجموعة من الشخصيات او المتنفذين .والمصيبة كل المصيبة ان من
يسدد هذه التجاوزات القاتلة الان هم الشعب وخاصة الطبقتين الوسطى (اذا تبقى طبقة
وسطى ) والفقيرة عن طريق رفع الاسعار او الضرائب او الرسوم وغيرها .
اما
المديونية فقد قفزت من 5 مليارات عام 1999 الى اكثر من 21 مليار بنهاية الربع الاول
من السنة الجارية, علما ان المديونية تزيد شهرياَ ربع مليار, واذا عرفنا ان الناتج
المحلي الاجمالي للاردن هو 23 مليار كما يقول المختصون فهذا يعني اننا تجاوزنا
الخطوط الحمراء , بمعنى " قدً ما منطلع فلوس رايحة للمديونية " وهذا يعني ان الدولة
على حافة الافلاس !!!!! يرجى من المختصين المحايدين واقول المحايدين ابداء رأيهم
بالنسبة للارقام المذكورة صعوداَ او نزولاَ .
اما وعند مراجعة ما انجز
من مشاريع منذ ذلك التاريخ ,مع كل ما شاب تلك البرامج والمشاريع من علامات استفهام
كبرى وكلفتها ومن مصاريف جارية وغيرها ,ومقارنة ما دخل وحسب المواقع الرسمية
للوزارات والمؤسسات, اي مجموع المساعدات والمنح والقروض الميسرة وغيرها, ( الواردات
ناقص المصاريف ) نجد ان الفارق اكثر من 17 مليار دينار اي حوالي 25 مليار دولار
امريكي والتي لو لم تنهب لما كان هناك ديون وفوائدها, ولما ذهبت الحكومات تستجدي
بأسم الشعب على مدى سنوات, جعلت بعض الصحف والمنتديات الخارجية تصفنا بصفات اقلها
الشعب المتسول , وكلنا يعرف ان السبب هو السياسات المالية والاقتصادية الخرقاء
والتي ليس للشعب اي يد في حصولها, بل هي طبقة اللصوص الكبار من ذكر وانثى والذين
اثروا على حساب المواطن ومحقوا الطبقة الوسطى دون ان يرمش لهم رمش او اي وازع من
ضمير وحقائبهم دائماَ جاهزة اما للسفر او الهرب وبعدها وبالنسبة لهم فليكن الطوفان
(فخار يكسر بعضه ).
كثرت ايضاَ عندنا ما يسمى ظلما وعدواناَ المؤسسات
"الغير ربحية " والغير مراقبة من اي جهة , والتي تأتيها التبرعات بالملايين من
الهيئات الدولية الخيرية والتي يصرف منها الفتات على مبادرات سخيفة لا تغني ولا
تسمن, ليذهب الباقي الى الجيوب التي لن تمتلىء ابداَ .وطبعا كله بأسم هذا الشعب
اليتيم .
اما الفساد الاداري , فيتبعه عادة الفساد المالي والذي يؤدي
حكماَ الى الفساد الاقتصادي , وكل ذلك يقود الى الفساد الاجتماعي . بالفساد
الاداري نرى مسؤولين يصلحوا في كل منصب وفي كل مكان , بل هم رجال كل زمان ومرحلة ,
فهم كعلماء وفلاسفة العصور الوسطى وبداية النهضة الاوربية او علماء الاندلس ,
يعرفون بالاقتصاد, بالسياسة , بالبيئة,بالطاقة, رئيساَ لجامعة , سفيراَ او مديراَ
عامة لمؤسسة كبرى ...الخ فتراه قد عُين وزيراَ, بعد فترة تجده قد عُين " نائباَ "
او عيناَ في مجلس الامة !!!! لا يمضي وقتاَ طويلاَ واذا بنفس الشخص مستشاراَ مهماَ
لاصحاب القرار, " يرتاح " قليلاَ للتفرغ لاعماله الخاصة والتي انشأها من خلال منصبه
, ليعود " لخدمة " الشعب المطواع , والغريب ان اكثر هؤلاء هم من عائلات محدودة
تلتقي مع بعضها اما بالمصاهرة او النسب او المصالح المالية المشتركة ويجب اعتبار
ذلك ميزة للمملكة, او تجده اسماَ جديداَ ولكنه من " صناعة " المجموعة نفسها وهي
ميزة اخرى !!!!!, ولا يمنع ذلك من بروز شخص بسبب عصاميته واجتهاده على نفسه بسلاح
العلم والمعرفة او بندرة تخصصه والحاجة الماسة له , وهي حالات شبه نادرة
.
قاد الفساد بالقطاع العام " مع عدم وجود فاسدين " ,الى مجاراته بظهور
الفساد بالقطاع الخاص , سواء في بعض الشركات المساهمة العامة وضياع حقوق المساهمين
الصغار, او الشركات المغلقة الكبرى من مؤسسات مالية او طبية او اقتصادية او خدماتية
ومعظمها متعاوناَ او شريكاَ مع القطاع العام, وخاصة بعض المؤسسات الناتجة عن برنامج
التحول الاقتصادي والاجتماعي المذكور ؟؟؟ !!!!.
يقول الخطاب الرسمي
للدولة ومن اعلى مستوى, ان من يثبت عليه الفساد سيحاكم حسب القانون وان لا احد فوق
القانون.كلام جميل ومنمق ولكنه نظري ولاسباب بسيطة , فكيف سيثبت المواطن ان فلانا
فاسداَ , المواطن يعرف ان الفلان كان لا يملك شيئا سوى وظيفة عادية يعتاش منها ,او
فلان اخر تدرج بالوظيفة فوصل الى وظيفة عليا, واذ به بعد بضع سنين يملك الاطيان
والشركات والسيارات الفارهة والارصدة المالية والكثير الكثير والتي لا يمكن ان
تتساوى مع ما دخل عليه من رواتب حتى لو بقي في منصبه العالي مئة عام !!! بل ان ما
يملكه يساوي ذلك الاف المرات !!! فكيف يستطيع المواطن ان يثبت على هذا الشخص انه
فسد فسرق وافسد ؟؟ الا يعتبر ذلك من باب التعجيز ؟, وما العمل اذا كان "المتهم "
او "المتهمة" قريباَ من دائرة الحكم او من داخلها , الا يعتبر اثبات ذلك كأثبات
وجود الغول او وجود العنقاء !!!!! اذن بهذه الحالة يجب اعتبار الشعب هو المتهم
وعلى اساس القاعدة اذا كان هناك سرقة فلا بد ان يكون هناك لص .الخطاب الرسمي يقول
ايضاَ ان لا حماية لأي فاسد ,وهي جملة عظيمة, نستنج اذن لابد من حماية الشعب من
الفاسد, او حماية الفاسد من الشعب, واما اغتيال الشخصية ,فما العمل اذا اغتيل
مستقبل شعب بأكمله , باغتيال اقتصاده وامله وماله, وما العمل اذا اغتيلت احلام
اطفاله وشبابه , وازهقت روح تعب كهوله وعجائزه, ودفنت انجازات ابائه واجداده
وابائهم ؟؟؟؟
ان الحل لهذه المعضلة المزمنة بسيط جداَ الا وهو تطبيق
القانون السحري "من اين لك هذا " وحيث ان صناعة الفساد بالمملكة مزدهرة واصحابها
كثر فيجب توسيع القانون ليصبح " من اين لكم كل هذا " , فاذا اُثبتت براءة المتهم او
المتهمين الذين يذكرهم الشعب صباح مساء , فعلى الشعب ان يعتذر لهم ليس بالصحف
والاعلام فقط , بل يقدم اعتذاره من خلال المسيرات واللافتات والهتافات وتخرج عندئذ
عنواين الحراكات الاسبوعية باسم.. " اعتذار اعتذار من الشعب ل ......... " وبذلك
لا يصبح هناك حاجة لا للامن الناعم او الخشن, وتوفربهذه الحالة ملايين الدنانير ثمن
المسيل للدموع وتعطى الاجازات بوقتها للناس, ويذهب كل الى عمله .
فهل
سيأتي ذلك اليوم يا ترى ؟؟؟
ان الدولة تشبه الهرم ذو القاعدة المربعة
وهي الاساس في ثباته ورسوخه وهي الشعب, اما اضلاعه وهي المثلثات الاربعة فهي مؤسسات
الدولة الادارية,الاقتصادية,المالية والاجتماعية والتي تعتمد على القاعدة, والتي
تلتقي كلها بالاعلى لتكون القمة وهي النظام . اذا اعتني بالقاعدة لتبقى مستقرة
ومتماسكة واجزائها تشد بعضها بعضا, فأن ما فوقها يبقى كذلك,اما اذا اُهملت ونُسيت ,
فأنها تبدأ بالتقلقل والتحرُك , فتنهار اضلاع الهرم ومن ثم قمته لا سمح الله
.
الدكتور سالم عبدالمجيد الحياري
No comments:
Post a Comment