"الطفايلة".. حي مهمش يرفض أن يستخدم أبناؤه كأداة لعرقلة الإصلاح
التاريخ:11/7/2011 - الوقت: 9:43ص
من إحدى فعاليات أبناء حيّ الطفايلة
عمان - محمد الصقور
بدأ بعض سكان الطفيلة في خمسينيات القرن الماضي بالهجرة إلى العاصمة بحثا عن الرزق وشكلوا تجمعا على مر السنين يعرف بـ "حي الطفايلة" جل سكانه من "الطفايلة" وعلى الأغلب من قرية عيمة التي يقولون يقول أهلها إنهم ينتسبون إلى الصحابي "جعفر الطيار".
هذا النسب الذي يعتز به سكان الحي انعكس على أسماء مؤسساته فتجد في الحي: مسجد جعفر الطيار، و نادي جعفر الطيار، وجمعية جعفر الطيار الخيرية، ومركز جعفر الطيار لتكنولوجيا المعلومات الذي يقدم دروس في تصميم المواقع الالكترونية وتحفيظ القران الكريم.
يمتد الحي الواقع شرقي العاصمة مقابل منطقة رغدان والمدرج الروماني وقصر رغدان ويقع بين جبلين من جبال عمان السبعة وهما جبل التاج والجوفة.
يقول الحاج ابو ايمن السعود( 68 عاما) في حديث لـ"البوصلة" إن الحي مكون من 7 عشائر رئيسية هي: الحراسيس والسعود والخوالدة وعيال عواد والربيحات والرعود والرميمات، جاءوا إلى الحي سنة 1950 و قطنوا في البداية المنازل المصنوعة من الطين والحجارة و بعضهم سكن الكهوف ليتوسع الحي و يزدهر بعد ذلك.
وعلى الرغم من التوسع العمراني في الحي إلا أنه يعاني من نقص البنية التحتية – كمعظم أحياء عمان الشرقية- ،فهو يشترك مع باقي "أحياء جبال عمان" بتلاصق منازله، يقول السعود: "الحي يعاني من الإهمال والتهميش من حيث الخدمات"، إذ "تنتشر القاذورات في أزقة الحي، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة من المياه العادمة".
كما يعاني الحي من الحفر والقنوات التي تتجمع فيها المياه العادمة المخلوطة بمياه الأمطار، بالإضافة إلى الشقوق والبالوعات المكشوفة التي تشكل مصدرا للبعوض والذباب والجرذان خصوصا في فصل الصيف، مما يشكل إزعاجاً لقاطني الحي لعدم وجود التهوية اللازمة.
و يعمل أغلب سكان الحي في المؤسسات العسكرية والقطاع الحكومي والبعض منهم يعمل في سوق السكر وأقلية منهم يتخذ من التجارة والأعمال الحرة عملا له.
يقول أحد شباب الحي إنه عاطل عن العمل منذ أن خرج من صفوف الدراسة بسبب الوضع المادي، مؤكدا أن البطالة في الحي الذي يقدر عدد سكانه ب 35 ألف نسمة تبلغ 70% في أقل تقدير كون العديد من الشباب يعملون بأعمال المياومة وعلى بسطات الخضار بشكل موسمي.
أما الإعلامي رائد الحراسيس فيرى أن الحي مظلوم من ناحية الخدمات و الاهتمام بالشباب إذ يعاني – على حدّ قوله- من عدم وجود متنزهات و مكتبات ومراكز اجتماعية تمكن الشباب من استغلال وقتهم بشكل إيجابي بالإضافة إلى قلة عدد مدارس الإناث على الرغم من أن عدد سكان الحي في ارتفاع مستمر.
ويضيف الحراسيس إن الاكتظاظ السكاني مشكلة باتت تؤرق سكان الحي المقام على أراض غير مسجلة حتى الآن، ويقول إن السكان يعانون من سوء الخدمات الصحية بسبب وجود مركز صحي واحد غير شامل لا يغطي كافة التخصصات.
"البوصلة" قامت بجولة ميدانية في حي الطفايلة الذي ارتبط اسمه بمصطلح "البلطجة" بعد اتهام أحد النواب بتوظيف شباب من الحي لقمع الأصوات المخالفة للحكومة، كما حصل على دوار الداخلية في الخامس والعشرين من آذار وقبله مسيرة الحسيني ومؤخرا الاعتداء على مكتب وكالة الفرنسية.
شباب في الحي لا ينكرون اعتداءهم على مسيرة الحسيني وعلى المعتصمين من شباب 24 آذار معتبرين هذا العمل " واجب وطني" للتصدي لمن أراد أن "يخرب البلد"، قائلين إن هذا العمل جاء "بدافع الحس الوطني وليس عملاً مأجوراً".
إلا أن أحد الشباب – رفض ذكره اسمه قال إن أحد المتنفذين في الحي قام بالدفع لعدد من الشباب مستغلا البطالة وحاجة الشباب للمال مقابل الاعتداء على مسيرة الجامع الحسيني، و أكد الشاب الذي يعمل في بيع الخضار بسوق السكر أنه شارك في الهجوم على المسيرة دون أن يعرف مطالب المحتجين.
أما شباب الحي الممثلون في التجمع الإصلاحي فيعملون على تغيير الصورة التي أخذت عن الحي في الفترة الأخيرة و حماية الأردن من الفاسدين والعابثين بقوت الشعب، وقد أفلح التجمع في إطلاق عدة مسيرات مؤخرا بالتنسيق مع مدينة الطفيلة.
و شدّد عدد من أبناء الطفيلة في حديث لـ"البوصلة" أنهم لن يكونوا "أدوات في عرقلة الإصلاح تستغلها قوى الشد العكسي والقوى المتضررة من الإصلاح ..تلك التي نهبت مقدرات وثروات الوطن".
المحامي محمد الحراسيس عضو اللجنة الإصلاحية لشباب حي الطفايلة رفض إطلاق تعميم "البلطجية" على سكان الحي، ويقول "نحن في الحي تداعينا منذ مدة لإنشاء تجمع إصلاحي بغية إظهار الوجه الحضاري للحي ..لا نهوى جلد الذات لكن ظهر في المجتمع الأردني ومنه الحي بعض ممن يجيدون توظيف الظروف عن طريق المال السياسي لتحقيق بعض المنافع والمكاسب الشخصية وأصبح هنالك سوق لانتشار الولاءات".
أما نائب الحي يحيى السعود فعلق على اتهامه بأنه وراء كل أحداث "البلطجة" التي تحدث بالقول: "إذا كان حب الوطن بلطجة فلتشهدوا أنا أكبر بلطجي"، مهددا من يطلق هذه الأوصاف بالملاحقة القضائية.
بينما يرى الكاتب علي الحراسيس -أحد أبناء الحي- أن أبناء الطفيلة و على الرغم من التضحيات التي قدموها عاشوا في أزقة الحي وغياب التنظيم وإهمال حاجات الشباب، فيما اهتمت كل أجهزة البلاد بتنظيم وتلبية احتياجات المناطق المجاورة له وخصصت لهم منحا ومساعدات تساهم بالتخفيف من أعباء أسرهم على مستوى مقاعد الجامعات والوظائف المميزة ومشاريع العمل عبر الزيارات الدورية التي نفذتها الجهات الرسمية دون المرور بالحي أو تفقد أحواله، فترك ذلك التهميش والإهمال والإقصاء أثرا بالغا في نفوس الناس الذين يطالبون اليوم وعبر المسيرات والاعتصامات إنصافهم والنظر إليهم ليس كمنة أو لفتة أو مكرمة بل كواجب شرعي ووطني تجاه جزء هام من أبناء الوطن.
ويشعر سكان الحي خصوصا و سكان مدينة الطفيلة عموما بالظلم في توزيع الموارد و خصوصا فيما يتعلق بعوائد المعادن التي تحويها الطفيلة، إذ يلمس سكان الطفيلة تهميشا لمدينتهم على الرغم من أنها تنتج الفوسفات والبوتاس وحتى الذهب بسبب الخصخصة و سيطرة متنفذين على هذه الثروات كما يقول ابراهيم الغبابشة أحد أبناء الطفيلة.
ويمتاز الحي بترابط العلاقات الاجتماعية بين عشائره و تصادف وجود "البوصلة" بالحي إقامة حفل زفاف أحد أبناء عشيرة الرعود حيث قام أهل العريس بالاتصال بلجنة الزكاة لأخذ ما تبقى من طعام لتوزيعه بدلاً من إتلافه ورميه في القمامة.
ولم تنقطع الجسور بين حي الطفيلة ومدينتهم الأم الطفيلة فمعظم سكان الحي مازالوا يحافظون على نفس العادات والتقاليد في الأفراح والأتراح، يقول الحاج ابو ابراهيم الرعود: "التقاليد لا تختلف في حي الطفايلة بشيء عن مدينة الطفيلة".
ويحرص أبناء الحي حضور مناسبات بعضهم البعض في الأعراس أو مناسبات العزاء، كما يحرصون على الذهاب إلى قريتهم عيمة في العطل، فجميع أبناء الحي يملكون أراضا هناك ويرفضون بيعها رغم رحيلهم عنها منذ عشرات السنين.
ويواجه الحي التحديات التي تواجهه من خلال لجنة محلية شكلتها عشائر الحي تسعى للمطالبة بتحسين مستوى الخدمات المقدمة حيث أسست هذه اللجنة مركزاً لعقد دورات ICDL للشباب، وتم إنشاء لجان للمشاركة في المناسبات الدينية والوطنيه والقومية وإنشاء لجنة تعنى بأمور الشباب انبثقت عن جمعية جعفر الطيار.
ويوجد بالحي جمعة للسيدات تعنى بالعمل التنموي والاجتماعي ورابطة لأهالي الحي ونادي جعفر الطيار لكرة القدم ومركز الاتحاد للكراتيه والعاب الدفاع عن النفس، كما يوجد مراكز تحفيظ للقران الكريم كمركز المرحوم الشيخ احمد الدباغ ومركز الذاكرات.
(البوصلة)
No comments:
Post a Comment