الحكومة والطفيلة.. هذا أوان الالتفات فالتفتي
[2/2/2012 12:54:49 AM]
د. نضال القطامين
تخطىء الحكومة كثيرا بالاستمرار في ادارة الظهر للطفيلة، وترتكب حمقا واضحا حين تراهن على هدوء شارعها بوصفات وحلول وهمية لا تقنع الرضيع قبل الضجيع.
تعلم الحكومة جيدا ان فضاءاتها ملأى بهتافات الطفيلة الهاشمية منذ عشرين حكومة ويزيد، وأن حاجات الناس فيها معلومة وواضحة ولا تتعدى أبجديات العيش الكريم، وترى بعينها الثاقبة ان مصير كل خريج فيها اما البيت واما الشارع، ومع ذلك، لا تزال الحكومة تغطي شمس الفقر بغربال التنمية المثقوب الممزق، وتلقي عباءات التخدير على جروح اهلها وعوزهم، وتراهن رهانا خطيرا على ولائهم وانتمائهم ودماء شهداءهم في الثورة العربية الكبرى والقدس وعمان.
لا أجد مبررا، ولا اوافق على الهتافات غير المسؤولة، ولست مع التظاهرات غير الوطنية، ولكنني اجد أن خروج من يحمل شهادة وينتظرالسنوات للتعيين، هو واجب وحقّ، اما تجاهل الحكومات وادارة ظهرها، فوقودٌ للتظاهرات وحطب حرائقٍ اخشى ان يتوسّع بشكلٍ لن يستطيع السيطرة عليه احد.
أمرَ جلالة الملك في زيارته الاخيرة للطفيلة ببعض المشروعات التنموية، ومنها تخصيص سبعة ملايين لتطوير وسط المدينة، فماذا فعلت حكومتنا الرشيدة من اجل التنفيذ! لا شيء سوى هدم بناء مدرسة ابن تيمية كموقع لهذا المشروع، وتشكيل حفرة عميقة هائلة الاتساع امتلأت بمياه الامطار ووهبت الشارع المحاذي ضيقا فوق ضيقه، ولربما يتجه تفكير حكومتنا وخيالها الواسع لاستخدامها كبركة سباحة ريثما يتم تنفيذ امر جلالة الملك عندما يتوفر التمويل! وغير ذلك، ذهبت كثيرٌ من اوامر ومكرمات جلالته في الطفيلة ضحية لغياب المتابعة وحجة التمويل، ولم تكن زيارات الوزراء للطفيلة الا حلقة في مسلسل التخدير الذي اشرت اليه، ولم تكن وعودهم، الا نثر اجواء من التفائل لم تكن في واقع الامر سوى وهمٍ يتلاشى حين تغيب سيارة معاليه.
عبر ثلاثة عقود مضت، قاتل الحمايدة واهل الطفيلة من اجل اعادة تأهيل الشارع الذي يتوسط مدينتهم - عين البيضاء، وذاك الذي يصل الطفيلة بضاحية المنصورة وعيمة، فوافقت الحكومة السابقة على طرح عطائهما وتعهدت بكامل طواقمها (وزارة الاشغال والمالية) امام اهل الطفيلة وفي الطفيلة خطيا وشفهيا، فلما جاءت الحكومة الحالية، تبخر المشروع والعطاء والاحلام، والسبب...التمويل...ايُّ تمويلٍ هذا يا دولة الرئيس الذي لا يظهر الا عندما يتعلق الامر بالطفيلة، وكأن الحكومات، حين تدير ظهرها للنواب وللناس وللحراكات، باتت تقول اعلى ما في خيلكم اركبوه وان وجدتم بلاطا للبحر فبلطوه!!
نحن نعلم تماما وعبر عقود مضت، ان ارقام الوزارات في الانفاق على الطفيلة وموازنتها، ما هي الا ضحك على الذقون وذر للرماد في العيون، وتغييب للحقائق، والا، اين ارقام الفقر والعاطلين من العمل الحقيقية في الطفيلة؟ اين لجان الوزارات المعنية المتخصصة بكشف حقيقة الفقر وكشف تقصير كل الحكومات؟ لماذا لا تعقد الحكومة جلسة مجلس وزراء في الطفيلة، لابلاغ اهلها عن الخطط الزمنية التي ستنفذها، (والتكفيل) على الوعود حتى يقتنع أهل الطفيلة بجدية العمل وجدية الوفاء والالتزام .... فتاريخ زيارات الحكومات للطفيلة لا ينبي بغير ذلك.
ولتعلم الحكومة بأنه لن يكون هناك داع لعرض حال جديد أو لخطابات أو لكلمات، فالناس سئموا ذاك النهج الذي يسمع فيه المسؤول الخطاب وينساه بعد المغادرة ومطالب الطفيلة موثقة في أدراج كل الحكومات، اليس في ذلك الحد الادنى للواجبات؟ لن يغضب احد، ولن يَغيرَ احد، فالطفيلة وواقعها البائس وتجاهل الحكومات لها معلومة عند كل الناس، ولديّ يقين راسخ ان كل الاردنيين بكل هيئاتهم، موافقون وراضون ان تلتفت الحكومة للطفيلة قليلا....... فهل تفعل؟
تعبت وتعب زملائي وتعب الناس، وبتُّ افكر جديا بكيفية الخروج من هذا المأزق، وللأسف، لم اجد طيلة الشهور المنصرمة، توجها حقيقيا نحو الاطراف ومنها الطفيلة، ورغم أنّي وببوادر حسن نية منحت ثقات ثلاث، الا انني اجد نفسي اليوم نادما عليها أو اكاد، فما من سامعٍ في الدوار الرابع لا لنائبٍ ولا لهتاف، بل صرت اتجنب الناس الذين اوهمتهم انني سأصنع من (البحور مقاثي)، فلم اجد الا بحرا مالحا وبذارا فاسدة، وزراعة عشوائية انتقائية، امّا الحكمة التي جنيتها في عملي نائبا، أنَّه يخطىء كثيرا من اعتقد ويعتقد ان اقرب مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم، فلقد تبدلت القواعد كثيرا، واصبح لزاما على من قصد البحر ان لا يستقل السواقي وحسب، بل عليه ان يرفع صوته اعلى فأعلى، رغم انني اعرف ويعرف الكثيرون ان الصوت العالي لا يصنع مواطنا صالحا ولا ينتج مسؤولا مخلصا ولا يحافظ على وطن.
علمت قريبا ان الحكومة قد خصصت وظائف محددة للطفيلة، تصل الى مائتي وظيفة، ولكنها للأسف لا زالت تمارس ذاك الدور المتعلق بتغطية الشمس بالغربال، والسؤال، ماذا عن حملة الشهادات الجامعية المختلفة؟ ماذا عن الاناث اللواتي يئسن من العمل والزواج والحياة؟ قد تحل هذه الوظائف جزءا من المشكلة ولكنها في الواقع لا تنبي الا عن فزعة ورؤية ضيقة وغير كاملة لمشكلة البطالة في الطفيلة.
وقد تسألون ما المطلوب، فأقول، تشكيل لجنة متخصصة فورية تأخذ على عاتقها بيان ارقام البطالة الحقيقية وكشفها، ودراسة مشكلة الفقر وايجاد حل مرحلي موقوت، وقبل ذلك وبعده، التوصية بتنفيذ كل مكارم جلالة الملك ووعود الحكومات، فمن غير المعقول ان يقوم جلالة الملك بواجبات الوزراء او المحافظين.....
No comments:
Post a Comment