أحمد الزرقان
حراك أهل الطفيلة في الميزان ..
التاريخ:4/9/2011 - الوقت: 5:03م
محافظة الطفيلة من أكثر المحافظات فقراً, ونسبة العاطلين عن العمل فيها من أعلى النسب في الأردن, وهي من المحافظات الأقل رعاية رسمية, وعانت لعقود من الظلم والنسيان والتهميش واللامبالاة.
وتفتقر المحافظة إلى كثير من الخدمات الأساسية والضرورية إلى حد لا يوجد فيها مستشفى مدني يخدم أبناءها، والمستشفى العسكري الوحيد معظم العلاجات فيه غير متوفرة, والتخصصات الرئيسية والمهمة غير كاملة, كما أن أبناء الطفيلة الذين يتخرجون في الطب والصيدلة والتمريض حتى ومن كان يعمل في المستشفى المدني القديم بعد إغلاقه تشتتوا في عرض البلاد وطولها.
والسياسات الحكومية المتعاقبة دمرت الزراعة في هذا البلد وما تبقى من غابات الزيتون والتي تعتبر مصدر من مصادر الحياة والرزق في طريقها للتصحر بسبب جفاف كثير من عيون المياه التي تروي هذه الأشجار، هذا ولا يوجد لدى هذه الحكومات الفاسدة أي نية لحل هذه المعضلة الفادحة والمشكلة الرئيسية كعمل سد مائي ينقذ هذه الغابات الجميلة من التصحر والجفاف, ومن ثم ينقذ أهل الطفيلة من الحاجة والعوز.
ونتيجة لما يعيشه أهل الطفيلة من شظف العيش والفقر وقلة الحال, وبعد إطلاعهم على حجم الفساد المهول والمستشري في أردننا الحبيب الذي طال كل شيء حيث أدى هذا الفساد المركب إلى ثراء طبقة دخيلة ممن استلموا المسؤولية وباعوا كل مقدرات الشعب من مؤسسات رسمية وشركات وأراضي بصفقات مشبوهة تحت مسمى الخصخصة وذهبت الأموال وذهبت المؤسسات وتضاعفت المديونية أضعاف مضاعفة, وهذه الأوضاع السيئة خلقت من الأردنيين طبقتين, طبقة مليارديرية ومليونيرية وأثرياء يتمتعون بخيرات البلد ويجيرونه كمزرعة خاصة وشركة محدودة لمصالحهم الأنانية الضيقة, ومعظم هؤلاء الطغمة الفاسدة من المتنفذين الرسميين الذين دمروا البلاد وأكلوا أموال العباد.
وطبقة ترزح تحت الفقر والجوع والمرض وتجهد ليل نهار لخدمة هذه الطبقة المترفة الفاسدة.
وأهل الطفيلة من أكثر الأردنيين وعياً وثقافة والتزاماً بالدين والأخلاق ومعاني الرجولة وأكثر شعوراً بالمسؤولية الوطنية, لذلك كان حراكهم مميزاً ونوعياً وقوياً وذا استمرارية بلا وجل أو خوف أو ضعف أو ملل، ومطالبهم لم تكن يوماً ما مطالب مناطقية ضيقة بل مطالب وطنية جامعة شاملة لان شعورهم الصادق إذا صلح الأردن وتعافى مما هو فيه من فساد ومحسوبية وظلم وتغيرت السياسات الفاسدة فإن هذا الخير سيعم الجميع و الطفيلة جزء منه لذا فإنهم كرجال أحرار وطنيين رفضوا المساومة على وقف حراكهم مقابل تنفيذ مشاريع ومطالب مناطقية هي في الأساس حقوق لهم ولا منة في تنفيذها, ولكن مفهومهم للإصلاح كان أوسع وأعم وأشمل وأكبر من مفهوم الأجهزة الرسمية الضيقة التفكير المحدودة الهدف.
ومن هنا فلقد كان حراك أهل الطفيلة المتميز في شهر رمضان الجهاد والعطاء والعمل والقرب من الله بإصلاح الأوضاع حراكاً فيه أسوة وقدوة لكل أهل الإصلاح فقد كانوا يعملون مسيرة في كل جمعة, ومهرجانات شعبية كبيرة بعد صلاة التراويح في كل خميس, ودعوا لها بعض الضيوف, ففي المهرجان الأول تحدث الناشط السياسي د.سفيان التل وحاولت الأجهزة الأمنية تنغيص هذا الحفل بإرسال بعض (بلطجيتها) لتهديد الضيف ولم يفلحوا ليقظة أحرار الطفيلة, ثم كان المهرجان الثاني الذي كان ضيفه ابن الطفيلة الناشط السياسي ليث الشبيلات والناشط محمود الحياري, وفي المهرجان الثالث كان ضيوفه د.رياض النوايسة والشاعر د.يوسف أبو هلالة وخالد رمضان وكنت أنا رابعهم ومع مشاركة مجموعات من حراك أهل معان وأهل الكرك، وفي نهاية المهرجان الذي كان شعاراته وكلماته بلا سقوف حاولت الأجهزة الرسمية والأمنية تنغيص هذا الحفل الرمضاني البهيج بإطلاق سراح بعض المسجونين أصحاب الأسبقيات والذين يعرفون بالزعرنة والبلطجة وبدأ هؤلاء المأجورين بالسب على الضيوف ثم تعامل معهم شباب الحراك بالحسنى والإقناع, وعندما رأوا إصرارهم على إفشال الحفل تعاملوا معهم بما يستحقون من تأديب يليق بهم,وواضح أن الرسالة الأمنية من خلال التهجم على الضيوف بواسطة عناصرهم البلطجية أنها لا تريد تجمع لأبناء الجنوب على معاني الإصلاح, وعلى إثرها وفي أول يوم من أيام العيد قام أناس مجهولي الهوية معروفي الاتجاه بتكسير سيارتين لناشطين من شباب الحراك، وهذه السياسة الغبية التي ما فتئت تتعامل بهذا الأسلوب الفج,وقد مارست نفس الأسلوب الخسيس مع أناس من حركة 36 الذين أرادوا مشاركة أهل الطفيلة حراكهم في يوم جمعة سابقة حيث استفرد بلطجية الأجهزة الأمنية بهم أثناء صلاة الجمعة وكسروا سياراتهم وضربوهم بطريقة تتصف بالجبن والخسة وقلة المروءة, وقبل ذلك حاولوا حرق مقر حزب جبهة العمل الإسلامي في الطفيلة كجزء ناشط في الحراك.
ولغاية الآن سجلت كل هذه الأحداث الإجرامية ضد مجهولين لان الأجهزة الأمنية تقف خلفهم وتدعمهم و إن كان غير ذلك فلتكشف عنهم وتبين حقيقتهم.
إن هذه السياسات الفاشلة وهذه الحركات القرعاء تنذر بشرر كبير وانفلات أمني أكبر يكون الخاسر فيها الجميع الوطن والمواطن والنظام, وعلى النظام أن يعي الدرس فان بلطجية النظام التونسي والمصري لم يغنيا عنهما من الشعب شيئاً لا بل إن واقعة الجمل لبلطجية النظام المصري كانت المسمار الأخير الذي دق في نعشه (وإنحياز الجيش الوطني في كلتا الدولتين إلى الشعب ضد هذه الأساليب الرخيصة والبلطجة العمياء التي أدت إلى انفلات أمني خطير) كما إن بلطجية النظامين الليبي واليمني أديا إلى انشقاق الجيش والى حروب أدت إلى سقوط النظام الليبي والى حرق الزعيم اليمني وأركان حكمه.
كما أن شبيحة النظام السوري وأعمالهم الإجرامية الخسيسة وإرغام الشعب على تأليه بشار وأخوه ماهر سيكون لها الأثر الأكبرعلى زوال هذا النظام المجرم المتعفن المستبد.
هذا ونتيجة لعقلانية كثير من شباب الحراك في الطفيلة وشعورهم بالمسؤولية فقد بادروا بالإلتقاء برئيس مجلس الأعيان بعد هذه الأحداث المؤلمة ليوصلوا رسالتهم الصريحة الواضحة إلى رأس النظام لتفادي الفوضى والإنفلات الأمني الذي لن يكون في مصلحة أحد رغم أن جزء من شباب الحراك يتميز غيضا وألماً ومنطقه قول الشاعر ..
ألا لا يجهلن أحداً علينا ***فنجهل فوق جهل الجاهلين
ولا يقيم على ضيم يراد به ***إلا الأذلان عير الحي والوتد
لذا فإننا نحذر وبشدة من إتباع أساليب عفا عليها الزمن وأدت إلى الفوضى وزوال الأنظمة المستبدة وستدور الدوائر على كل باغي ولا يصلح ولا يثبت أخيراً إلا الحق والصلاح وأهله, والفساد والاستبداد والإجرام والبلطجة إلى زوال, هذي هي سنن الله في خلقه وهذه هي سننه الثابتة في الكون .
(البوصلة)
ة / 3 / د
No comments:
Post a Comment