"عدّ رجالك وِرْد الميّ"!
في 25-11-2013 07:03
محمد ابورمان
نتفهّم مطالبات وجهاء في السلط، وأهالي الشباب الموقوفين على خلفية إطلاق
النار في جامعة البلقاء التطبيقية، قبل أيام، بالإفراج عمّن لم يثبت تورطه
في استخدام السلاح بأسرع وقت، وبحماية حقوقهم المدنية والقانونية. لكنّ هذا
في حال أثبتت التحقيقات القضائية ذلك فقط!أمّا المطالبة بالإفراج عن
الجميع، ولملمة الطابق، واللجوء إلى "الصُلحات العشائرية"، وكفى الله
المؤمنين القتال؛ فذلك يعني بالمثل العامي المعروف "عِدّ رجالك ورد المي".
أي إنّنا سنقبل من الآن فصاعداً وضع منطق الدولة والقانون جانباً، ونُرخي
"الحبل على الغارب" للزعران والبلطجية وأصحاب السوابق، ليطبّقوا هم قانونهم
الخاص بأيديهم!كنا نتمنى أن يجتمع وجهاء مدينة السلط وأعيانها وعقلاؤها
ليطالبوا الدولة بالضرب بيد من حديد على من يعبث بالأمن وبالسلم الاجتماعي،
وعلى الذين يروّجون المخدرات بين طلبة المدارس والجامعة، وعلى من يستخدمون
السلاح، وعلى العصابات والخارجين عن القانون، وأن يعطي هؤلاء والوجهاء
والأعيان الحكومة وقتاً محدّداً للقيام بواجبها الدستوري والقانوني
والأخلاقي!أمّا أن يحدث العكس تماماً؛ بأن نراهم يجتمعون بعد كل مشاجرة
كبرى أو أعمال شغب، فقط ليطالبوا الحكومة بالإفراج عن الموقوفين، فهذا
يجعلهم يبدون وكأنّهم يريدون أن يروا مدينتهم تغرق في الفوضى والخروج على
القانون، والجامعة وكراً "للهمل" والمخدرات، بعد سنوات قليلة!ما يدعو أكثر
للاستغراب أن نقرأ "تهديدات" لقيادات في مدينة السلط تعطي فيها الحكومة مدة
72 ساعة للإفراج عن المعتقلين، وإلاّ فإنّها "لن تتحمل أي تبعات"، وقولبة
الأمر وكأنّه صراع بين أبناء السلط والدولة! وذلك، بالضرورة، غير صحيح،
إنّما هو صراع بين من يريد أن تكون الجامعة والمدينة وشوارعها على خط
القانون والنظام العام، من جهة، وبين من "يبتزون" الدولة، ويركبون دوماً
موجة الاحتجاجات الشعبية، حقّاً أو باطلاً، مع الضحك على الذقون، واللعب
على الحبال تنفيذاً لمصلحة شخصية لا أكثر!من الضروري أن يُحكم تعامل
الحكومة مع القضية الحالية، وفق قواعد محدّدة؛ في مقدمتها أنّ حكم القانون
والأنظمة هو الذي يجب أن يسري على هذه الحالة، وجميع الحالات الأخرى
الشبيهة. والثاني، أنّه ليس مقبولاً لفلفة الأمر، وابتزاز الدولة، وإنهاء
القضية بـ"تقبيل اللحى". والثالث، الإفراج فوراً عمن لم يثبت تورطهم، مع
البحث عن المتورطين، وتحويلهم للقضاء. والرابع، إيجاد حل جذري للعنف داخل
الجامعات، وخاصة ظاهرة تواطؤ الأمن الجامعي في أغلب الحالات، عبر إعادة
هيكلة هذا القطاع وتأهيله، ومنح صلاحياته قانونية أكبر، وتخليصه من
المحسوبية التي تحكم عمله في أغلب الجامعات الأردنية!دعونا ننظر إلى رئيس
الحكومة كيف سيتعامل مع هذه القضية، فهو على المحك. وعليه أن يرسل برقية
واضحة للجميع عبر هذه القضية، بأنّه لا تلاعب ولا تهاون في سيادة القانون،
ولا مجال لابتزاز الدولة أو تهديدها من أيّ كان. وإذا كانت هنالك حلول
عشائرية، فهي بين الناس بالتراضي فيما بينهم من مشكلات، أمّا ما حدث في
الجامعة من انتهاكات، فهذا يدخل حصرياً في مهمة الدولة وواجبها فقط؛ ومن
كان بريئاً لا بد من إطلاق سراحه، ومن كان مسيئاً فلا بد أن يأخذ عقابه!ما
نتوقعه هو أن نرى الفزعة القادمة، والاجتماعات والقلق والغضب لدى وجهاء
المدينة وقياداتها ومثقفيها، على مستقبل أبناء المدينة، وعلى نسبة البطالة
وضعف التنمية، وضد المظاهر الاجتماعية المسيئة، ولتطوير التعليم، ولإعادة
تأهيل المدينة الصناعية المهجورة في المدينة، وحماية أبنائنا من المخدرات
والفكر المتطرف. هذا هو الهاجس الحقيقي لمن يحب السلط والوطن، وهم بالتأكيد
الأغلبية العظمى من المواطنين.
(الغد)
(الغد)
No comments:
Post a Comment