Thursday, 4 April 2013

قالوا وكتبوا عن الشيخ الكيلاني رحمه الله

إلى رحمة الله يا أبا الطيب ..
4/2/2013 3:24:00 PM
الاستاذ الشيخ حمزة منصور

مصابنا فيك يا أبا الطيب جلل، وخسارتنا بفقدك عظيمة، والمكلومون برحيلك كثيرون، ومن كل الشرائح، ومختلف الأعمار. فمن لا يذكر برنامجك الإذاعي – قبل أن نعرف التلفزة والقنوات الفضائية – هدي الإسلام، يوم كانت كلماتك العذبة تتغلغل في أعماق القلوب، فتحييها بآيات القرآن الكريم، وتوجيهات السيرة النبوية المطهرة، وبمواقف قرون الخيرية والسائرين على نهجها ؟ ومن يجهل القلب المعلق بالقدس، الذي فاض بروائع القول شعراً ونثراً، وتحفيزاً لأبطال القوات المسلحة والمقاومين البسلاء ؟ ومن لا يذكر للطيب أبي الطيب جهاده في إقرار القانون المدني، كمقدمة لتشريع إسلامي، يغطي جوانب الحياة جميعاً، ويشكل الموجه والباني والضابط لسلوك أردن الحشد والرباط ؟
ولئن أبدع معاصرو أبي الطيب كل في ميدان من الميادين، فلقد تألق الراحل الكريم في ميادين عديدة، حظي من خلالها بالحب والاحترام والتقدير. فلقد كان علماً من أعلام الدعوة الإسلامية، تفوق فيها جندياً وقائداً، يمحضها فكره النير، ورأيه السديد، وحكمته البالغة، فتأتي كلماته برداً وسلاماً، تهدئ الخواطر، وتقرب البعيد، وتحسم الخلاف، حتى وصف رحمه الله بأنه قفل الفتنة. واحتل القرآن الكريم منزلة لاتدانى لدى الشيخ إبراهيم، فقاد جمعية المحافظة على القرآن الكريم مع ثلة من إخوانه، يعلمون الناس كتاب الله، ويحببونه إليهم، وينشرونه بينهم، ويفتحون له مراكز عمت أرجاء الوطن، وأسهمت في تهذيب طباع المواطنين، وترشيد سلوكهم، فتبوأت الجمعية، وتبوأ معها الوطن مرتبة متقدمة بين الأشقاء العرب والمسلمين .
وأخذ الدكتور إبراهيم موقعه في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وتبوأ عمادتها، وقاد مسيرتها، يرعى أساتذتها، ويعدون معاً جيلاً قرآنياً يؤمن بشمول الإسلام وكماله وأهليته لبناء الأمة من جديد لاستئناف دورها الحضاري .
وخاض أستاذنا الحبيب غمار السياسة وزيراً للأوقاف، ونائباً في البرلمان، وساعياً لإحياء رسالة المسجد، منحازاً إلى قضايا الأمة، مؤمناً بدور الإمام والخطيب والواعظ في الإصلاح على خطا الجيل الأول، الذي انطلق من محراب الصلاة، ومنبر الدعوة. ولا يرى سلطاناً على القائمين على الوعظ والإرشاد إلا سلطان الشرع، وليس كما فعل غيره، ممن ألحقوا المسجد ببعض الدوائر الأمنية، فأصبحت سيفاً مصلتاً عليهم. ومن موقعه النيابي سلط الضوء على كثير من السياسات، يسبر غورها، ويكشف فسادها، ويطالب بوضع حد لها .
وظل شيخنا المفضال في أحاديثه وخطبه وأشعاره يعبر عن طبع سمح، وخلق رفيع، وأدب جم، جعله قريباً من الجميع، يُحِبُ ويُحَب، ويألف ويؤلف، ولكنه يغضب، ولا يغضب لنفسه، إنما لعقيدته ومبادئ دينه وللمصالح العليا لوطنه وأمته، وحين يغضب تسمع زمجرة أسد، ودمدمة ريح.
وكان المسؤولون على اختلاف درجاتهم ومواقعهم يقدرون كلمة أبي الطيب، ويسارعون إلى التجاوب معها، إدراكاً منهم لصدق الرجل، وغيرته على دينه ووطنه وأمته. ويحضرني في هذا المقام يوم أقام بعض المسؤولين تمثالاً للملك حسين رحمه الله إلى جوار مبنى رئاسة الوزراء، وعلى قارعة شارع رئيسي، فكتب أبو الطيب مقالة في صحيفة السبيل بعنوان ( كيف تبنون صنماً لابن محطم الأصنام ) وقبل مرور أربع وعشرين ساعة كان التمثال قد غادر المكان. فرحمات ربي وغفرانه على قبر ضم رفات الأخ الحبيب، والداعية الكبير، والمجاهد بحق الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، ولأسرته الكريمة، وأنجاله الأحباء، ولدعوته المباركة، دعوة الخلود والصبر والسلوان وحسن العوض، والتأسي بخلقه وسيرته، وهو يرعى الناشئة، ويحفظ الود، ويسد منافذ الفتنة . 
----------

" الدكتور الكيلاني ... العالم الداعية "
4/3/2013 7:01:00 AM
د فوزي السعود

حقيقةً أنّ الأمّة فقدت هذا اليوم عالِماً بارّاً مُنافحاً عن الشريعة ، والأردنّ وفلسطين وسائر ديار الإسلام ، عالماً جمع صفاتٍ كثيرةً ، قلّما توجد إلا في القليل ... فقد كان بفضل الله داعيةً وخطيباً وشاعراً وإعلاميّاً ونائباً ووزيراً ...، وكلّ موقعٍ من هذه أو غيرها قد ترك فيه بصمةً وأثراً طيباً يشهد له الجميع .
· عاصرنا الدكتور ابراهيم زيد الكيلاني ونحن صغاراً ، ويوم أن كانت الإذاعة الأردنية الصوت المسموع في أرجاء الوطن ، كان حديثه الصباحي يستمع إليه كافة شرائح المجتمع الأردني : العالم ، والمزارع ، والراعي ، والطالب ، والأم في بيتها ... كان حديثاً يلامس شغاف القلوب والأرواح ، شيّقاً ، عذباً ، جذّاباً ، وعطراً نديّاً ، لا تتمنى أن يُنهي حديثه .
· وعاصرناه في التلفزيون الأردني ، في برنامجه الأسبوعي " الإسلام والحياة " والذي كان يستضيف فيه عدداً من العلماء للحديث عن قضايا الأمة وتوعيتها وإرشادها ، وكان يجيب أيضاً على أسئلة الجمهور الدينية والدنيوية رحمه الله .
· وعاصرناه يوم كنّا طلاباً في كلية الشريعة وكان عميداً لها ، حيث كانت الكلية " شامةً " في جبين الجامعة الأردنية علْماً وهيبةً ونشاطاً وعلماءً ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .
· وعايشناه نائباً في البرلمان عن العاصمة الأردنية " عمّان " ، ثمّ وزيراً للأوقاف في مرحلة دقيقة من تاريخ الأردن حيث أزمة الخليج وتداعياتها ، وكان الدكتور الكيلاني الخطيب الذي لا يُبارى في المهرجانات و التلفزيون الأردني ، وفي خطب الجمعة ، فقد أوجعَ اليهود والصليبين بقذائف الحق حتى قال عنه قادة اليهود : هل هو وزير أوقاف أم وزير دفاع !!
· وعايشناه أيضاً رئيساً لجمعية المحافظة على القرآن الكريم ، والتي شقّت طريقها في بداية التسعينات من القرن الماضي ، واليوم أصبحت بفضل الله تعالى ، وبفضل المخلصين الغيارى ، ومنهم المرحوم الكيلاني ، أصبحت علامةً بارزةً ، ومدماكاً أصيلاً في بناء المجتمع الأردني ، بهذا الإقبال الكبير من الرجال والنساء ، والصغار والكبار المقبلين على تدارس كتاب الله تعالى وحفظه .
· نعم فقد خدم الدكتور الكيلاني في مواقع متعددة ترك من خلالها تلامذةً وأحباباً وأنصاراً ، سيكونون بمشيئة الله في ميزان حسناته يوم القيامة ، فهؤلاء هم أهل العلم الشرعي الحقيقيون الذين يصبحون مناراتٍ يُهتدى بهم في ظلمات الحياة ، فالعالم قِبْلة للأمة ، إما أن يرتقي بها إلى الحقّ والهدى ، أو يُلقي بها في مهاوي الردى ، فرحم الله أبا الطيّب كم كنا نحبه ونسمع له ونقلّده ، وكم كنا نتمنى أن يبقى بيننا ولكنها سنة الله في خلقه " و إنّهم ميّتون " ( الزّمر ، 30 ) .
· أختم هذه العجالة بدعوة إلى كافة المواقع الرسمية والدعوية والحزبية ، التي ساهم المرحوم في نهضتها وتقدّمها ودعم مسيرتها ــ وأخصّ بالذّكر مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ــ أن تفي وتبرّ بالرجل ، وتعطيه بعض حقّه في طرح سيرته ومناقبه وإنتاجه ، في برامج وأفلام وما شابه وهذا كحدٍّ أدنى من حقوقه الكثيرة ... رحمه الله و أسكنه فسيح جنّاته .
------
عن الشيخ إبراهيم زيد الكيلاني رحمـه الله
4/3/2013 10:29:00 PM
الكاتب: ياسر الزعاترة
في حشد مهيب؛ ودّع الأردن يوم أمس علما من أعلامه الكبار. إنه الأستاذ د. إبراهيم زيد الكيلاني؛ الأكاديمي والأستاذ الجامعي، والنائب والوزير والداعية والسياسي، والإنسان قبل ذلك كله.
قلة من المشتغلين في ميدان العمل العام من يحافظون على مسارهم الدعوي والسياسي على نسق واحد، والندرة هم من يتطورون بشكل إيجابي، ويصبحون أكثر قربا من نبض الناس وهموم الأمة، إذ الأغلب أن تمضي تحولات قطاع من هؤلاء في اتجاه تراجعي بحسب تطور الحاجات الإنسانية، ولعل ذلك هو ما يفسر مثلا إقبال الشباب على الجهاد والعمل العام، مع نكوص من قبل غالبية الكبار في السن. والأمر هنا لا يتعلق فقط بقدرات الجسد، بل بتوثب الروح كعامل أكثر أهمية.
في مسيرة الحركات الإسلامية، وعموم المشتغلين بالعمل العام جحافل ممن كانوا يتصدرون الصفوف، ثم انتقلوا لمربعات أخرى ضمن تبريرات كثيرة، من دون وضع هؤلاء جميعا في سلة واحدة، لأن من بينهم -دون شك- أناسا اجتهدوا في البحث عما يرونه صوابا.
الشيخ إبراهيم زيد الكيلاني كان نموذجا من بين الندرة الذين لم يكتفوا بالحفاظ على مسارهم الإيجابي، بل ظلوا يتطورون نحو الأفضل أيضا؛ ليس في مستوى الدعوة والعلم والتقوى، بل في مستوى الجرأة والانحياز للحق أيضا، إذ بقي -رحمه الله- حتى الرمق الأخير صوتا مدويا ضد ما يراه خاطئا على مختلف الأصعدة.
في كل ميدان كنت تجده -رحمه الله- صوتا مدويا في الدفاع عن الحق، وعن قضايا الأمة، لا يكل ولا يمل؛ لم تتعبه السنون ولا الهرم ولا المرض، وظل يجاهد في الله حق جهاد حتى جاءه الأجل، فرحل على خير، نحسبه كذلك والله حسيبه.
كانت فلسطين عند الشيخ قضية القضايا، والشغل الشاغل، وفي كل ميدان يخص قضيتها ومظالم شعبها، كنت تجده صادحا بالحق، رافعا لشعار الجهاد والمقاومة كسبيل للتحرير، ورافضا، بل ومنددا بأي شكل من أشكال التطبيع مع العدو.
في مختلف المواقع التي أشغلها كان منحازا للحق وفق ما يراه، ولذلك حاز ثقة الناس داخل الجماعة التي انتمى إليها (الإخوان) وخارجها أيضا، وقدم مساهمات كبيرة في العمل العام ستظل تصب في ميزان حسناته، وفي مقدمتها جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي تخدم كتاب الله ودينه في مختلف مناطق المملكة.
وحتى على الصعيد الشخصي والأسري، قدم الشيخ نموذجا متميزا في بناء أسرة طيبة قدمت للبلد علماء وعاملين، ندعو الله أن يكونوا على نهج والدهم في البناء والعطاء، وأن يجعلهم جميعا في ميزان حسناته.
يرحل الشيخ إبراهيم زيد الكيلاني بعد عقود طويلة من الدعوة والعطاء، كان خلالها نموذجا في العلم والدعوة والعمل العام في خدمة دينه ووطنه؛ نسأل الله أن يجزيه عنها خير الجزاء، وأن يجعلها سلما يرفعه إلى منازل الأنبياء والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.
 (الدستور)
--------------------------------

No comments:

Post a Comment