Tuesday, 16 April 2013

تحليل غربي: الإصلاح في الأردن .. مكانك سر

تحليل غربي: الإصلاح في الأردن .. مكانك سر تحليل غربي: الإصلاح في الأردن .. مكانك سر

 
عمان1:كتبت المدير الإقليمي لمكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في الاردن والعراق، أنيا فيلر شوك تحليلاً تحت عنوان "الإصلاح في الأردن .. مكانك سر".
وتالياً نص التحليل:
بعد الإصلاحات السياسية الفاترة التي شهدها الاردن في عام 2012، تأتي التوقعات بشأن البرلمان والحكومة الجديدة متدنية إلى حد ما بين المواطنين الاردنيين. وبإختيار أعضاء الحكومة الجديدة، حدد الملك عبدالله الثاني ورئيس وزرائه عبدالله النسور أولويات إقتصادية وأمنية واضحة على حساب الإصلاح السياسي.
وتعليقاً على تشكيل الحكومة الجديدة٬ قال محلل أردني مؤخراً إن "الملك يحب مفاجأة الناس". ومع ذلك، عندما أعلن رئيس الوزراء عبدالله النسور أسماء أعضاء مجلس الوزراء الاردني رقم 98 في 30 آذار/مارس، جاءت الأخبار حاملة لبعض المفاجآت: بعد مفاوضات دامت أكثر من شهرين حول منصب رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء، كان الاردنيون متحمسين لسماع النتائج. إلاّ أنه تم إخماد شرارة الإهتمام هذه بسرعة. وأُطلقت تعليقات عدة منها "القديم نفسه. ما في جديد" و"عدنا إلى المربع الأول"، وهو ما يشير إلى الإحباط الذي يشعر به العديد من الاردنيين تجاه البرلمان والحكومة الجديدين.
إصلاح حقيقي أم مجرد كلام؟
بعدما جاءت إصلاحات قانون الإنتخابات في العام الماضي مخيبة للآمال، واعتبرت عملية تسجيل الناخبين الصعبة ويوم الانتخابات الذي عقد في كانون الثاني/يناير خطوة إيجابية إلى الأمام مقارنة بالمرات السابقة، إلا أن توقعات الاردنيين جاءت أيضا منخفضة. فبالرغم من النوايا التي أعلنها الملك لبدء "مرحلة الإنتقال إلى حكومة برلمانية حقيقية"، يسود إنعدام ثقة بين الشعبتجاه الدولة ومؤسساتها. وفي كانون الأول/ديسمبر 2012، نشر العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ثلاث أوراق عرفت بما يسمى"أوراق نقاشية" يدعو فيها إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية. مع أنه تم تداول هذه الأوراق من خلال وسائل الإعلام الاردنية إلا إن القول بأنها نوقشت علناً كما يفترض لأي "ورقة نقاشية" يعدّ أمراً مبالغاً فيه. وعلق نشطاء المجتمع الاردني قائلين "لدينا الانطباع بأن هذه الأوراق كانت تهدف إلى إرسال رسالة إلى الغرب، ولم تكن موجهة إلى الجمهور الاردني". "كما يجب أن يتم وضع جدول أعمال الإصلاح الديمقراطي في الاردن من قبل البرلمان وليس الملك".
حكومة برلمانية؟
دعا الملك في أوراق النقاش إلىتشكيل "حكومة برلمانية" تشكل من إئتلاف الأغلبية في البرلمان؛ وينبغي على البرلمان إختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة. وعلى الرغم من إعتراف الملك بأن هذه العملية تحتاج إلى الكثير من الدورات البرلمانية حتى تنضج إلا أن الإنطلاقة جاءت غير مبشرة.
وأعرب أغلبية البرلمانيين في إحدى جلسات مجلس النواب عن إستيائهم عقب الإعلان عن أسماء أعضاء الحكومة الجديدة مدعين بأن توصياتهم لم تؤخذ بعين الإعتبار من قبل رئيس الوزراء. وبعد إعادة تعيينه رئيساً للوزراء، بدأ النسور حملة مفاوضات وإستشارات مع كتل برلمانية مختلفة لمدة ثلاثة أسابيع قبل الإعلان عن أسماء الوزراء الجدد. وعلى الرغم من إستياء أعضاء البرلمان من التشكيل الحكومي الجديد، فإن من المرجح أن يتم "التصويت على منح الثقة"للحكومة في موعده كما كان مقرراً. "سوف يتم التصويت ولكن قد نحتاج إلى بعض المساعدة الخارجية" - أي من الديوان الملكي والمخابرات – كما ذكر مصدر من داخل البرلمان.
كما أظهر بعض البرلمانيين نقداً ذاتياً عند تحليل عملية المناقشات في الأسابيع الأخيرة. فاعترف عضو ٌفي مجلس النواب قائلاً "الكتل كانت عاجزة، لم نعرف ما نفعله". و"لقد فشلنا في تشكيل حكومة برلمانية"،"هذه الحكومة لا تختلف بأي شكل من الأشكال عن سابقاتها". فمع غياب وجود أحزاب سياسية قوية، تجمع أعضاء البرلمان الاردني في كتل ضعيفة. وقد أثبتت هذه الكتل البرلمانية ضعفها بشكل واضح خلال المشاورات التي جرت مؤخراً لإختيار رئيس وزراء جديد. ولم تكن أي كتلة قادرة على طرح بديل قابل للتطبيق خلافاً للنسور الذي ترأس الحكومة المؤقتة منذ تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي.
وقد نشأ جدل حاد أثناء عملية المفاوضات حول مسألة ما إذا كان ينبغي أن يطلب من "أعضاء البرلمان" الإنضمام إلى مجلس الوزراء أم لا. وفي نهاية المطاف، حسم رئيس الوزراء النسور الجدل بعدم السماح بذلك قائلاً "ولو غامرت وأخذت عدداً من النواب وزراء لا أعرفهم ولم ينجح أداؤهم لسبب أو لآخر فستفشل التجربة". ومع ذلك، أعلن النسور أنه قد يتم إختيار برلمانيين لمناصب وزارية في الأشهر المقبلة.
"ثورة بيضاء"؟
في خطابه الإفتتاحي للمجلس البرلماني السابع عشر، دعا الملك إلى "ثورة بيضاء". "ينبغي لحكومة تكنوقراط أن تتوخى جودة وكفاءة وشفافية الخدمات التي تقدمها للمواطنين". وتعتبر العديد من الأسماء المطروحة في الحكومة الجديدة خطوة أولى في هذا الاتجاه مثل ريم أبو حسان وزيرة التنمية الإجتماعية ومالك الكباريتي وزير الطاقة حيث يملك كلاهما سنوات عديدة من الخبرة في مجالات إختصاصهم. وتبين قائمة أعضاء مجلس الوزراء الجديد أيضا أن التوزيع الجغرافي أو الإنتماءات القبلية لم تكن معايير أساسية لإختيارهم، على غير العادة.
وقد ساهم وجود ثلاثة خبراء في الإقتصاد كأعضاء في مجلس الوزراء في رفع الآمال بأن الاردن سوف يتخذ خطوات جادة لمعالجة مشاكله الإقتصادية الملحة. وتقترح الخلفية التي جاء منها الوزراء الثلاثة بأن الجهود المستقبلية ستظل تتسم بجدول أعمال ليبرالي قوي مع القليل من الإعتبار لتأثير السياسات الإقتصادية على المجتمع.وفيما يتعلق بالمفاوضات الاردنية مع "صندوق النقد الدولي" بشأن القروض، فإنه- وبلا شك - ستثبت الخبرة السابقة لوزير التخطيط والتعاون الدولي مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فائدتها.
وبعد أن واجهت الحكومة السابقة إنتقادات شديدة من قبل مجموعات حقوق المرأة لإحتوائها على أعضاء ذكور فقط، إختار رئيس الوزراء النسور إمرأة واحدة لشغل منصب واحد فقط في الحكومة. ورغم أن إستمرارية وجود وزير الخارجية المخضرم ناصر جودة في مجلس الوزراء لم تأتِ مفاجأة للكثيرين، الا أن إعادة تعيينه ساهم في إنعدام الثقة الشعبية في عملية إختيار أعضاء الحكومة الجديدة. كما تسبب الوزير جودة بعدم رضى شعبي في كانون الثاني/يناير عندما تسربت أنباء بأنه طمأن وزير الخارجية الأستوني بأنه -أي جودة-، باقٍكوزيرللخارجية مدة ثماني سنوات مقبلة.
مجلس الوزراء الأصغر منذ "أربعة عقود"
وتعد الحكومة الجديدة التي تضم 18 وزيراً بالإضافة إلى رئيس الوزراء، الحكومة الأصغر منذ عام 1967. بينما تعتبر الحكومة المرنة جديرة بالثناء في أوقات وجود قيود حادة على الميزانية كالتي يواجهها الاردن، إلا أنه يمكن الشك بكفاءة الحكومة الجديدة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات السياسية. لقد تم دمج عدد من الوزارات، مع منح بعض الوزراء المسؤولية عن عدة وزارات قد تصل الى ثلاث حقائب وزارية.
وقد أثير الكثير من الإستغراب إلى حقيقة أن ثلاث حقائب وزارية على الرغم من صغرها، والتي ينبغي أن تلعب دوراً محوريا في تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية، منحت لوزيرين جدد يملكون القليل من الخبرة في عملية صنع القرار السياسي الرفيع المستوى. أحد الوزراء الجدد سيكون مسؤولاً عن شؤون الإعلام والإتصال، والتنمية السياسية والشؤون البرلمانية في آن واحد.
وعلاوة على ذلك، فإن وزارة الداخلية – التي تعتبر لاعباً مهماً عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات السياسية – هي الآن في أيدي عسكري سابق شغل أيضاً منصب مدير الأمن العام, مما يشير إلى أولوية - إلى حد ما مفهومة- للأمن الداخلي إلاأنه يترك العديد من الشكوك بشأن جهود الإصلاح السياسية بعيدة المدى. وقد ترك هذا القرار العديد من الاردنيين أيضا يتساءلون لماذا تمت إضافة حقيبة وزارة الداخلية إلى وزارة البلديات - لا سيما في ضوء الإنتخابات البلدية المقبلة في أيلول/سبتمبر - ولم تمنح حقيبة وزارة البلديات للخبير في هذه المسألة، رئيس بلدية إربد الكبرى السابق الذي إنضم أيضاً إلى مجلس الوزراء.
يمكن الإفتراض بأن القيود المفروضة على الميزانية لم تكن السبب الوحيد أو حتى الرئيسي في تقليص حجم مجلس الوزراء. وبمجرد أن تم الإعلان عن قائمة أسماء أعضاء مجلس الوزراء الجدد، أعلن النسور بأنه سوف يتم إجراء تغيير في تشكيلة الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر – ملمحاً إلى امكانية إضافة وتبديل وزراء. وتهدف هذه الإستراتيجية أساساً إلى احتمالية أن تضم التعديلات المنتظرة أعضاءً من البرلمان. وبناءً عليه يمكن أن ينظر إلى هذه التعديلات المنتظرة بوصفها خطوة ذكية من رئيس الوزراء لضمان تصويت البرلمان بمنح الثقة لمجلس الوزراء الجديد بالتلميح إلى فرص مستقبلية لتوزير أعضاء من البرلمان. ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية لا تكاد تحفز الوزراء الحاليين لإستثمار الوقت والطاقة في مشاريع طويلة الأمد؛حيث يمكن أن يتم الإستغناء عن خدماتهم في غضون بضعة أشهر فقط لإفساح المجال أمام وجوه جديدة.

الإصلاح السياسي: الحاجة إلى جدول أعمال صلب
في حين يعتبر تحقيق النمو الإقتصادي، وترسيخ الميزانية والحفاظ على الإستقرار، من دون شك، قضايا ملحة للأردن، فإنه لا يمكن تأجيل الإصلاح السياسي. إذا كانت الحكومة الجديدة جادة بشأن تعديل قانون الإنتخابات، وتعزيز دور البرلمان وتمهيد الطريق لمشاركة متزايدة من الأحزاب السياسية، فإنهناك حاجة لوضع إستراتيجية واضحة وخطة صلبة منذ البداية. هذه هي التحديات والتي لا يمكن حلها بين عشية وضحاها عندما تكون الإنتخابات المقبلة قاب قوسين أو أدنى. إن بناء الأحزاب السياسية القوية وتشجيع المشاركة السياسية على نطاق واسع يتطلب عملية نمو طويلة الأمد. الأفكار المقترحة في الأوراق النقاشية التي طرحها الملك جديرة بالثناء، إذا كانت هناك رغبة وجدية في تنفيذ هذه الأفكار فإن على البرلمان والوزارات ذات الصلة أن تقرر خارطة طريق مفصلة في الأسابيع القليلة المقبلة.

No comments:

Post a Comment