Sunday, 4 March 2012

ثــــــورة الــنــظــام !!!



عندما يمرض الجسد بمرض معين يجب معالجته مباشرة حتى لا يتفاقم وبالتالي يفنى الجسد ... وهكذا الأنظمة.


عندنا بالأردن أنشىء النظام قبل 90 عاما وهو أحد نتائج اتفاقية "سايكس بيكو" عندما فصلت هذا الجزء عن سوريا الكبرى.


قام الأرادنة باستقبال الأمير عبدلله رحمه الله - (الملك فيما بعد) - عندما جاء من الحجاز واتفق مع أهل البلاد بأن يكون أميرا عليهم بموافقة بريطانية وتشكلت الحكومة الأولى دون أن يكون بها أي شخص من أهل المنطقة فقد كان الدرزي واللبناني والشامي والفلسطيني واستمر الحال كذلك وحتى قبل نكبة فلسطين.


جاء المحامي هزاع المجالي رحمه الله كأول رئيس لحكومة من الأرادنة.


لما حدثت نكبة فلسطين وهاجر أهلها لجأ معظمهم إلى الأردن والتي كانت أصبحت عام 1946 المملكة الأردنية الهاشمية وقام النظام بإعطائهم الجنسية الأردنية دون أن يطلبوها، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من المواطنين وقبل بعض أهل البلاد بذلك رغم الإحتجاجات الشعبية من منطلق الدين والقومية.


تأسست نواة الجيش النظامي بقوات البادية التي أسسها الإنجليزي كلوب باشا الذي أصبح قائدا للجيش العربي فيما بعد، الذي انخرط به الأردنيين والأرادنة وسارت الأمور حتى وضع دستور 1952 الملك طلال رحمه الله.

لم يغفل الأرادنة عن التغيير الديمغرافي القادم وقبل 1948 عندما قام النظام بتجنيس أعداد لا بأس بها من العراقيين والحجازيين واللبنانيين والسوريين فعقد المؤتمر الأردني الأول وبعده بسنين المؤتمر الثاني.

في عام 1948 أيام النكبة اودعت الضفة الغربية كأمانة لدى الأردن كما اودع قطاع غزة أمانة لدى مصر، عقد مؤتمر أريحا عام 1952 باتفاق بين النظام الأردني وبعض الشخصيات الفلسطينية والذي كان ظاهريا وكأنه مطالبة من الشعب الفلسطيني بالوحدة.


كان عدد المخيمات الفلسطينية محدودا جدا في الأردن وزادت بعد هزيمة 1967، وفي 1970 حدثت مأساة أيلول وانكشف فيها أن الإنتماء للدولة الأردنية لا يأتي عنوة أو بالإكراه وبدون رغبة ذاتية على أثرها أخرجت المنظمات العسكرية الفلسطينية من الأردن وعلى أثرها أغتيل شهيد الأردن وصفي التل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

هذه مقدمة تاريخية موجزة جدا لا بد منها حتى نصل إلى نتائج وتساؤلات منها : هل هرم النظام عندنا أم ما يزال يتجدد ؟؟


لا أقصد بالتجديد هو شق الطرق وقيام الأبنية وتأسيس الجامعات والمدارس والإتصالات....الخ وما هو قائم بكل الدول فهذا تطور عالمي مع اختلاف المستويات بين دولة وأخرى وللدلالة على ذلك من زار أوروبا أو أمريكا أو العالم العربي بالخمسينات يجد هذا التطور مستمرا في هذا العالم وسنويا.


التجديد يتم بالتطور السياسي، الإقتصادي، الإجتماعي، حقوق الإنسان، حرية التعبير والرأي، حرية الفكر، ارتفاع مستوى المعيشة والتماسك الأخلاقي لدى المواطنيين والإنتماء المتزايد وغير النفعي للوطن، بالإضافة إلى قوة الطبقة الوسطى والتي يجب أن تشكل ما نسبته 70% من المواطنيين ولا ننسى العدالة الإجتماعية.

عندنا بالأردن إلتزم النظام بعدد محدود من العائلات خلال العقود السابقة مع إستثناءات نادرة فمن هذه العائلات رؤساء الحكومات أو الوزراء أو أصحاب المناصب العليا ومنها أيضا "مشروع" وزير أو رئيس وزراء، وأنشئت مؤسسات معينة فقط لوضع مسؤول معين من هذه العائلات على رأسها بامتيازات كثيرة حتى أن بعضاً من هذه العائلات لا تقبل أن يكون ابنها أمينا عاما لإحدى الوزارات.


بالعقد الأخير بدأت الطبقة الوسطى بالإنحدار إذا لم يكن الإندثار باتجاه الطبقة الفقيرة مع نسبة ضئيلة منها تصعد إلى الطبقة الثرية إما نتيجة النفاق الشخصي أو الإعلامي أو التحزم بالقطط السمان أو ما سمي بالليبراليين الجدد أو جماعة الديجيتال والذين وصلوا إلى أعلى المناصب بالدولة بعد أن حصلوا على الجنسية الأردنية حديثاً، وأصبحنا نتحدث عن أكثر من راسبوتين و بيعت مؤسسات الوطن الكبرى المغذية للخزينة والمالية العامة بسوق النخاسة وانتفخت نتيجة ذلك جيوب وكروش مجموعة انتهازية كانت معروفة بكرهها للأردن وتآمرها السابق عليه وزادت المحسوبية واختزلت الدولة والنظام بأشخاص لا يتعدون عدد أصابع اليدين من رجال ونساء لم نعرف أبائهم ولا أجدادهم أو عائلاتهم من قبل وأصبحت صلة النسب والقرابة هي التي تقرر مصير الدولة والوطن .

ونتيجة لذلك جائت حكومات هزيلة كان رؤسائها وأعضائها يتلقون التعليمات من جهة أو جهتين معروفتين لتسيير أمور البلد بل أن بعض المرجعيات كانت تأخذ القرارات وتمليها على هذه الحكومات باسم جلالة الملك وعلى طريقة "أوامر من فوق" وأصبح هناك "جيش" من الموظفين بالديوان يعدون بالآلاف نسبة كبيرة منهم يعملون في مكتب الملكة "ديوانها" الذي أصبح مصدرا لبعض القرارات المهمة للدولة رغم نفي ذلك عدة مرات بل كان يؤكد من قبل بعض المسؤولين الأجانب والصحافة الغربية.


خلال هذا العقد الأخير عقد بالأردن أكثر من 1000 مؤتمر وورشة عمل وندوة على جميع المستويات وأكثرها إقتصادية تخرج منها الوعود بتنمية البلاد وازدهارها ومثالا على ذلك مؤتمر دافوس الذي عقد بالبحر الميت عدة مرات كانت أكثرها برئاسة الليبراليين الجدد مع الإصرار على حضوره سنويا في سويسرا رغم كلفة ذلك على ميزانية الدولة دون أي نتائج تذكر تنعكس إيجابيا على تحسين معيشة المواطن.


كما كثرت الوعود بالمشاريع الإقتصادية العملاقة المنتجة ووعود بالميليارات التي سوف تتدفق على البلاد وكانت النتائج زيادة المديونية إلى الخطوط الحمراء (اقتربت من حوالي 70% من الناتج القومي) والتي تهدد بإفلاس الدولة وزادت البطالة رسميا إلى 14% وفعليا إلى 25%، أدى ذلك إلى أن يبلغ عدد العزاب من الشباب والشابات الذين لم يتزوجوا سابقاً وتجاوزت أعمارهم 30 عاما منهم 99 ألف فتاة و 118 ألف شاب لأسباب إقتصادية بحتة، ونتج عن ذلك ما نراه من إختلالات إجتماعية وأخلاقية وزيادة الفساد بين هذه الفئة المهمة من الشعب وجزء كبير منها أصبح لا يهمه أي شيء لفعل أي شيء.


أصبحت الدولة هي العاصمة والعاصمة هي الدولة، وأهملت المحافظات وخاصة الجنوبية منها واعتقد أصحاب القرار أن تنمية هذه المحافظات يتم بالمحاصصة الوظيفية كتعيين الوزراء واستلام المناصب العليا دون القيام بأي مشاريع إنتاجية ذات ديمومة وأمثلة على ذاك حاليا وجود أكثر من 2000 عائلة في محافظة الكرك بدون مأوى أو سكن أو دخل ثابت ومدارس حكومية لم تحظى بأي صيانة من عام 1956 بعضها على سبيل المثال للحصر في دير أبو سعيد أو الطفيلة أو الرميمين رغم برامج "مدرستي" أو حديثا مشروع " فكر أولا" !

أو برامج العصف الذهني أو وضع أجهزة حاسوب مستعملة في مدارس تدلف سقوفها وبدون نوافذ ...

أو الإتصال مع بعض فئة الشباب بحجة مشاركتهم في تنمية الوطن رغم أن أكثر طلاب القرى والبلدات البعيدة والبادية يذهبون إلى مدارسهم دون طعام أو يأخذون الإفطار بالتناوب بين الأخوة، برامج لا تغني ولا تسمن عن أي شيء .


ازداد الفقر والبطالة بين أفراد الشعب وأصبح الحل عند الدولة هو فقط "طرود الخير" أو "كسوة الشتاء " وإظهارها بقيام مسؤول المبادرات بتسليمها وابتسامته تغطي الشاشة ورجل كهل وامرأة عجوز تستلم "الهدية" مصورة حيث يشعر المشاهد المحايد أن الأرادنة عبارة عن طوابير من الشحادين.


خلال العقد الأخير زاد عدد من يحملون الرقم الوطني إلى أرقام خيالية، وخاصة بالسنة الماضية بعد أن كنا سنة 2000 لا نتجاوز ال4 مليون، وبنهاية 2010 خمسة ملايين ونصف، أما بنهاية 2011 أصبحنا حوالي 7 مليون، مما يعني أن مئات الآلاف قد حصلوا على الجنسية الأردنية علما أن الزيادة السكانية هي 3.5 % سنويا.


في عام 1988 وعند فك الإرتباط كان عدد المواطنين لا يتجاوز 3 مليون، وبقراءة الأرقام الأخيرة شعر الأرادنة أن هناك تجنيس متعمد ومقصود وخاصة الأخوة الفلسطينيين بحجج وأعذار غير مقنعة، فمرة لأسباب إنسانية، وتارة بحجة الاستثمار، وأصبح منح الجنسية متجاوزا كل القوانين والدستور، وبرز هناك أشخاص معهم الصلاحيات غير القانونية لإعطاء الجنسية مع أنهم حصلوا عليها عام 1987 ومنهم من استلم مناصب عليا ومهمة بعد الحصول عليها مباشرة، علما أن هناك شروط صريحة بالدستور لذلك، مما أدى لاحتجاج الكثيرين على هذا الأسلوب وأصبح كل من يعارض ذلك يتهم بالعنصرية والإقليمية، ومن المعروف أن أي مواطن فلسطيني يحصل على الجنسية الأردنية سيحل محله يهوديا بفلسطين.


إن أقرب شعبين عربيين لبعضهما البعض هما الأردني والفلسطيني بسبب التاريخ والجغرافيا ووشائـج الدم والنسب، وإن المواطن الأردني لا يريد التجنيس لسببين:

1- عدم تفريغ فلسطين من أهلها بطريقة الترانسفير الناعم (التجنيس) وخاصة بعد زيارة الوفود الأمريكية للأردن وطلبهم بالإسراع بذلك خدمة لإسرائيل وطلب زعمائها بيهودية الدولة.

2- شعور الأرادنة أن النظام يريدهم أقلية في وطنهم وأنهم فقط للوظائف الأمنية والحراسات، والتعمد بإبعادهم عن مراكز صنع القرارات الإقتصادية والسياسية. وإثباتا للنقطة الأولى أن الأرادنة لا يحتجون عند منح الجنسية لعراقي أو سوري أو من بوادي الدول العربية.

من جهة أخرى زاد التغول على أصحاب الفكر والرأي الذين يطالبون بإصلاح النظام مع تمسكهم بالملكية وأن يكون الهاشميون رأس هذا النظام، وأصبح زج الرموز الوطنية من الأرادنة بالسجون مدعاة لتفاسير كثيرة زادت بعد تهجم بعض أعضاء العائلة الحاكمة أو من هم محسوبين عليها على العشائر الأردنية والتشكيك بتاريخهم الوطني تحت عناوين لم نكن نسمعها من قبل وتعني "من أنتم أيها الأرادنة" أو "ما هو الأردن لولانا" غير نعتهم بالجهالة أو الوقاحة مما زاد الاحتقان احتقانا.

ووصلت الدولة في العشرين سنة الأخيرة بمحاربتهم في أرزاقهم أو تشويه سمعتهم اجتماعيا مع الضغط على عشائرهم أو عائلاتهم، فإما أن يكونوا موالين دون نقاش رغم تجاوز النظام على حقوقهم التاريخية بوطنهم وإبعادهم أو لهم العقاب، بالمقابل تقربه من من أراد أو يريد تقويضه ظنا منه بأنه يأمن شرهم.

إن المهرجانات المبرمجة سلفا لإقناع الخارج بأن الأردن بألف خير واستجداء النظام والدولة للدول العظمى للرضا عنهم قبل إرضاء الشعب مع أن العكس يجب أن يكون والذي سوف يقوي النظام وليس القيام بأساليب صبيانية لهم، مثالا على ذلك المنافسة بالأناقة دوليا أو بامتلاك اليخوت أو بالظهور بمظهر الديمقراطية الكاملة، بينما يزيد بالداخل الفساد والإفساد ونصبح كل يوم على قضية "فضيحة" فساد أو سرقة أبطالها من الصف الثاني بالدولة، وتبدأ الإشاعات والأقاويل أن "اللي بسويه الحراث برضا المعلم" كما يقول المثل الشعبي الأردني.


بينما يسرح ويمرح أشخاص تلوك أسماؤهم ألسن المواطنين صباحا ومساء مراهنين أنه لن تمسهم يد العدالة رغم ما قاله جلالة الملك: (أن لا أحدا فوق القانون).


لقد فقد المواطن ثقته بالدولة ومؤسساتها وبالحكومات المتعاقبة وأصبح التجاوز على مؤسستي الأمن العام ودائرة المخابرات العامة إعلاميا وبالشارع شيء لا يصدقه العقل، رغم أن الجهازين يرأسهم الآن ذوات يشهد لهم من قبل المواطنين بنظافة اليد ونزاهة الأخلاق.

إن أكثر الأرادنة ولحد الآن لا يؤيدون قيام نظام غير ملكي وبغير قيادة هاشمية، كما أن أكثرهم لا يقبل ما يسمى بالملكية الدستورية، ولكن الضغوط السيلسية والاقتصادية والاجتماعية جعلت وبالفترة الأخيرة ومن الموالاة المعروفة تاريخيا يخرجون بمطالبة تغيير النظام.

إن ثورة النظام على نفسه يجب أن يقودها جلالة الملك لتحقيق المطالب التالية:

1- محاكمة الفاسدين فعليا وعمليا وخاصة الطلقاء منهم.

2- إرجاع واسترجاع المال العام الذي نهب وهو حق للوطن والشعب من أسماء معروفة حتى لو كانوا من المقربين لصاحب القرار، وبذلك تسدد المديونية التي هم سببها ولا حاجة للاستجداء من الخارج.

3- استرجاع المؤسسات الوطنية وخاصة شركات التعدين التي بيعت للأجانب وبيعها للمواطنين وخاصة لأصحاب رأس المال منهم.

4- ضخ جزء كبير من هذه الأموال بالمحافظات وخاصة الفقيرة منها بإقامة المشاريع الإنتاجية والخدمية للقضاء على الجزء الأكبر من البطالة بين الشباب.

5- التلحف بأبناء الوطن الخيرين وهم كلهم كذلك.

6- إبعاد المتسلقين والانتهازيين ومصاصي أموال الوطن من حول صاحب القرار.

7- تفرغ الملكة لشؤونها العائلية وألا تكون داخل دائرة الحكم كما هو معمول به في كل الأنظمة الجمهورية والملكية في العالم.

8- توجيه حملات الخير مؤقتا لأهل البلاد أولا وما زاد للخارج حتى تقوم المشاريع الإنتاجية.

9- إعطاء الهيبة للجنسية الأردنية وإيقاف منحها بسهولة حتى تبعد عن عقول الناس فكرة الوطن البديل.

10- عدم السماح للأمراء والأميرات وممن يحملون لقب الأشراف بتولي أي منصب حتى لو كان خارج الوظيفة العامة كما ينص الدستور.

11- الابتعاد عن ال14 أو ال15 عائلة التي تتداول وراثة الحكومات والوزارات منذ أكثر من خمسة عقود واستبدالهم بالكفاءات العلمية من أبناء الشعب.

12- إخضاع كافة مؤسسات الدولة بما فيها الديوان الملكي للمحاسبة المالية من الجهات المختصة بذلك.

13- ظهور جلالة الملك إلى وسائل الإعلام بفترات منتظمة للحديث عن أوضاعنا الواقعية كخطاب الإتحاد الأسبوعي للرئيس الأمريكي.

14- قوننة فك الإرتباط ووضعه بالأطر الدستورية مما يطمئن المواطن الأردني أنه أردني وعدم تعويم الهوية الأردنية بحيث أصبح الأردني لا يعرف نفسه متى يكون أردنيا ومتى يكون فلسطينيا وبالتالي تطبق اتفاقية فك الإرتباط رسميا وكما طالبت منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية باجتماع القمة عام 1988 وينفي النظام عن نفسه وبالتالي الدولة أنها سائرة بإقامة الوطن البديل، كما يجب الحفاظ بكل الطرق على الهوية الفلسطينية.

إن ثورة النظام البيضاء على نفسه ستهدئ الجميع وسيعرف الشعب أنها ليست حقناً مخدرة ومؤقتة وستكون ضربة استباقية لأي تحرك شعبي عام سواء كان وطنيا أو من إنتاج الخارج وتعاونه مع الطابور الخامس الموجود بالوطن.

إن مثل هذه الثورة لا يمكن أن يقودها حاليا إلا جلالة الملك، وسيقف كافة أبناء الشعب معه.

فهل سيحدث ذلك ؟

قال تعالى: ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) صدق الله العظيم. / (سورة الأحزاب، الآية 33)


الدكتور سالم عبدالمجيد الحياري

No comments:

Post a Comment