Tuesday, 4 December 2012

بيان رقم واحد احسان الفقيه


تقديم من "صوت الأردن"
أجل يا إحسان، هكذا كان وهذا ما صار إليه هذا المقامر. ولد من رحم ميّت، ظنناه حيّاً وفارساً مغواراً سيحمل الوطن على صهوة فرسه نحو عزته ومجده، لكن هيهات هيهات. فما يكون لنا أن نحييه وقد علمنا وتيقننا أننا بشر لا نحيي الموات من الأرض ولا الأموات من البشر ولا أن نفعل ما لا طاقة لنا به.
حاولنا كأردنيين بكل المحاولات لاستقطابه إلى صفنا وصف الوطن، رغبناه فينا فبانت أحوالنا كالـ "بايره" مهما فعلت لن ترضي صاحب نزوة لا يرى إلا ما يشتهي، ثم جمعنا كل محاسن الوطن كما تفعل تلك التي "بار" حظها، لكن ليس لنا في عينه ورؤيته نصيب. وقفنا كلنا من الشمال إلى الجنوب نرفع راية الولاء والوفاء، ففسرها عبودية، وانحنى علينا بالسوط بدل أن يحتضن من أحبوه.
هكذا هم الكارهون لمحضنهم، المتكبرون على من آواهم وجمع شملهم بعدما تفرقت بهم السبل، وهكذا هم من لا يملكون من يومهم ومعاشهم إلا ما اشرأبت له نفوسهم المريضة.
نرحب بزاويتك الخاصة هذه، هنا في صوت الأردن، صوت الحرية، صوت الحشد والرباط، ونعلن أن أردننا سيبقى عصياً على الفاسدين، وسيظل خيمة تجمع كل المحبين المتآلفين، أحباب الله من الفقراء والدراويش والمرضى الذين لا يجدون حبة الدواء، والعجائز اللاتي أغلقن أبوابهن عليهن يجابهن برد الكوانين، بلا دفء بعد أن استحوذ المقامر على آخر "الحطبات" وأطفأ الجذوة التي كنّ يشعلن منها مدفأة تقيهن برد جبالنا وسهولنا وصحارينا.
نرحب بصوتك في موقع كل الأردنيين، صوتاً أردنياً عربياً مؤمناً بالله والعدل والحرية.
قراءنا الأعزاء: رحبوا معنا بهذه النشمية لتكون معكم ولكم في محنتكم بصبر "علياء" وشجاعة خولة، حيث ستطل عليكم من خلال "صوت الأردن" وعبر هذه الزاوية التي حولناها من رسائل إليه لتكون رسائلها لكم.
معاً بعون الله ويداً بيد حتى ينتصر شعبنا الأبي.
(هيئة تحرير صوت الأردن)
*****
بيان رقم واحد احسان الفقيه
احسان الفقيه
أيها الأردنيون تجاهلوه ولتعتبروه ميتا
أيّها الأردنيون تجاهلوه.. بل ولتعتبروه ميّتا ولنبدأ بدقيقة صمت أخيرة مُضافة ولا تبجيل لملكٍ لم يعنيه أمرُك يوما ولا قُدسيّة لنظام لم يحفل بضجيج حُزنك ولا خلود لمن أوصل شعبه الى مرحلة المناداة بسقوطه ولو همسا..
أقرأت الفاتحة يا ابن العم؟؟
أدعوت لمن مات بالرحمة ؟؟
إذا هيّا .. فلتحمل فأسك ولتتبعني ..
-هنا الحقل و ذاك المحراث .. وتلك بغلة سخّرها الله لخدمتنا نحن المُستخلفين في الارض..
تلك البذور في "تنكة السمن "المنجرينا" على تلك الصخرة الكبيرة في طرف السلسلة الحجرية التي تفصل حقلك عن حقل جارك "ابو محمود " والذي يزرع الفول هذا العام بعد ان خسر بالبازيلاء في الموسم الماضي..
هذه عمّتك وذاك ابنُها -وكيل ربما او رقيب ثانٍ- "يعمل في صفوف الدرك" .. يقضي إجازته في مُساعدة العمّة "آمنة" مُشاركا الصحب موائد السهر ومتابعة انتصارات برشلونة و هزائم رويال مدريد.. وقد تخطب له أمّه عروسا على "المُوسم" حسب كمية المطر وبركة المحصول او ان كان محظوظا بغزو المتظاهرين من البحرينيين او تنفيذ مهمّة عسكرية في "خوست" و"ربنا ما بيقطع حدا"..
-هنا مدرستي .. نعم كنت هنا..
كنت هنا انا وازدهار واخلاص وبسمة ومنيرة وزينب وبيان وكفى- وبنت المرحوم عبدالسلام المقابلة وكثيرات..
مكتب المديرة لازال هناك ونقطة التوبيخ كانت هنا تماما..
غرفة العمّة "شوفة" -أمّ الجميع- كانت في آخر الرواق..
والمقصف كان في الطابق السُّفلي ..
المكتبة كانت هنا .. ولا ادري الى ماذا تحوّلت الآن؟؟ لايهم.. المهم ان في المدرسة مكتبة جديدة.. والأهم أن المجموعة الكاملة لجبران خليل جبران المتهالكة المُمزّقة الحوافّ لازالت كما هي وملاحظاتي على الهوامش صامدة لم يُجهز الزمن على حبرها الباهت بعد عقد ونصف من الغياب..
هناك تماما كنت أخوض حروبي مع المنافسات الصغيرات المتفوّقات في حفظ القرآن والمبارزات الشعرية وترديد المُعلّقات عبر الإذاعة المدرسية وحلّ المعادلات الرياضية والفيزيائية الاشدّ تعقيدا..
-هنا المركز الصحي .. ذاك الطبيب المناوب - يُغلق هاتفه في ساعات العمل ويساعد الجميع ويبستم في وجه "الجدّات الداعيات له بالعوض والرزق" بل وينتظر قدومهنّ كل شهر" للتزوّد بحبوب الضغط وإبر الأنسولين ومسكّنات الألم..
تلك موظفة سجلات المرضى في ذات المركز -لا تتبرّم من الازدحام شتاء وأيام الآحاد- فهو موسم الزكام والتهاب القصبات ويوم الآحاد موعد امراض كثيرة وطلب التحويل الى المستشفى وارتفاع نسبة السُكّر بالدم من أكل الهريسة والحلويات آخر الاسبوع وفي نهايات الشهر او على الراتب تحديدا..
-هذا مستشفى اللواء في منطقتي حيث الاطباء الاختصاصيّون الملتزمون بالوقت .. يُراعون تعب الناس وعناءهم في الوصول الى المستشفى وفي العودة الى القرى ، لايتوقفون عن العمل ولو انتهى وقت العمل ويعتنون بعلاج الأرواح قبل الاجساد، وضآلة الدخل لن تدفعهم لترك المستشفيات الحكومية طمعا بمزيد من الربح في مستشفيات العواصم العربية او مستشفيات عمان التي يمتلك أشهرها مجموعة لصوص ورجال اعمال قلوب أغلبهم أقسى من عجلات الكوشوك واشدّ منها سوادا..
-هنا البلدية هنا كان يعمل عمي الأكبر سكرتيرا ويبلغ تقاعده 200 دينار او أقل .. ولازال يزور المبنى، يتفقّد الجميع ، يمرّ من المركز الصحيّ، يقيس الضغط ، يمازح الطبيب، يُعرّج على المقبرة ، يُلقي التحية على جدي ويقرأ الفاتحة له ولروح أمّه "رفقة الحسن" ، يعود للبيت حيث العمّة "يُسرى" رفيقة الشقاء الذي لايموت في القرى، أصيبت بجلطة حديثا وفقدا ابنتهما الكبرى "زينب" قبل عامين ولازال الذهول بفقدانها المُبكر يملأ أركان البيت والحارة الشرقية كلّها..
-ذاك مسؤول كابسات جمع النفايات في البلدية .. وهذا ابن عمي "عمر" والذي التحق بصفوف عمال الوطن ولم يُهينه أن يوصف "بالزبال" ولم يخسر ولو ربع درجة في دفتر اللهفة الزوجية اليومية ولا زالت زوجته تغار عليه من الجميع وممن تنافسن على قلبه سابقا.. ولازالت تخبز دجاجته النصف أسبوعية في فرن الطابون الذي ورثته مع قطعة أرض عن والدها الحاج "طعمه المحمد" الله يرحمه..
-هنا موقف الباص.. حيث وسيلة النقل الأكثر شعبية والمركبة التي يتنهّد حين وصولها العشرات و ينتظر فرج قدومها جموع المستيقظين باكرا -قبل العصافير كي لايسبقهم الى البرد أحد- ممن لديهم "سروة" للجيش او محاضرات مبكرة في الجامعة او وظائف في دائرة ما ، مؤسسة ما، سلطة ما، شركة ما، مكتب محاماة ما، او وظيفة معلّم في مدرسة بعيدة تم تعيينهم بها حديثا..
الأولوية في افتراش المقاعد للبنات وكبار السن والحسرة من نصيب العشاق المبتدئين والعاشقات العفيفات والنظر من النافذة دائما ملجأ وملاذ عيون القرويات الخجولات ممن يخشين فضيحة التورّط بالحب وجريمة الميول لأحدهم..
وطبعا سائق الباص –المتقاعد- رجل طيب متوازن ناضج ، لا يغتاب احدا ولا ينشغل بالمرآة عن تعرّجات الطريق ، لا يتهوّر في تجاوز الشاحنات، يراعي المزالق شتاء، لايُدخن بل ويمنع الركاب من التدخين فهناك من هو مصاب بالربو وهبوط القلب وهناك من لايطيق او لايحتمل رائحة الدخان مثلي ..
-هناك ماسورة مكسورة في الحي الغربي باب دار "العم ابوجهاد" وذاك العامل بسُلطة المياه زميل عمي يوسف في السلطة، يشربان الشاي بالنعناع البلدي وهما يستمعان بمشاركة العم ابو هيثم الى قصة ابن شقيق أحدهم والذي حصل على علامات كاملة بالرياضيات وعن مكرمات التعليم وعن غياب العدالة في تقسيم المقاعد الجامعية وعن سرقات شركة زين وعن خطوط الجيش من "أورانج" وعن ثرثرة النساء عبر الهواتف بعد صرعة التحدث آلاف الدقائق بالشهر ضمن مبلغ مُقتطع .. وخلال ذلك كلّه لا يتوانى عامل "سلطة المياه" من التأكد من شدّ الماسورة وتمكينها كي لا تتسرب المياه مرة اخرى وتضيع هدرا في حين ان هناك اسابيع تنقطع فيها المياه عن قريتنا والقرى المجاورة ..
-بالمقابل وفوق دار العم فايق المقابلة سقطت اسلاك الكهرباء بفعل الريح أمس، عامل الشركة يُعيد توصيلها وتدعو له "ام مؤيد القواقشة" بأن يحفظه الله ويحميه وهي لاتعرف من اي قرية او بلد هو - أثناء مرورها ومعها عجوز تتعكّز على سبعينها وتعضّ على شفتيها من ذاك الاحتكاك المؤلم في الرُّكبة اليمنى ..
عشرات من المصلين يدعون عامل الكهرباء وزملائه للغداء أثناء عودتهم من صلاة الظهر ليتحول حديث المصلين العائدين عن الفواتير والاقتطاعات الشهرية وسوء الحال داعين الله بالستر والفرج ومنهم من يضرب الكفّ بالكفّ ويردد سقا الله ايام "الليرة بقت ليرة" و "البيضة بقت بتعريفه" في حين يُعيد آخر طقم أسنانه ويتحدّث عن معاناته بمضغ الطعام ..
-فجوات في الشوارع .. انزياحات للأتربة والرمال بفعل تقلُّبات الطقس ورداءة مستفزّة للمواد التي تُستخدم في تعبيد الشوارع في القرى والتي لا تلبث الا وأن تنفصل عن قواعدها وتتناثر في الارجاء..
تصرخ "ام محمد" موبّخة أبناءها على انتشار "الجلاطة" او الطين بلهجة اهل اربد.. ليُقرر ابنها "خالد" أن يُصلح الوضع بوسائل اكثر جدوى من استجداء البلدية والاستماع الى تلك الموشحات الطويلة عن الموازنة وقلة الموارد من المُتصرّف الفاسد والكذاب..
يتساءل "خالد" بصوت عالٍ وعلى مقربة منه يُسبّح الجدّ ويستغفر ربّه عدد أحجار مسبحة "بزر الزيتون" المُغطّسة بالحنّاء مُستغرقا بملكوت الله بوقار من لم يتبقّ منهم على قيد الحياة كثير..
اما خالد فيرفع صوته متعمّدا ليُصغي جدّه الى تذمّره:
"يعني ليش ندفع ضريبة المُسقّفات للبلدية إحنا وكل الجيران وعمرنا ماتهنينا بشتوية " .. فتخبره شقيقته التي تدرس في السنة الثالثة تخصص القانون في جامعة "آل البيت" ذلك اسمه "عصيان مدني خيّوه".. فينطق الجدّ أخيرا :
"عصيان عصيان هو إحنا بدنا نظل مسكرين اثمامنا والله بنت محمود الاحمد العلي ارجل مننا لويش كثر السواليف" ..
نعم صدقت ياعمي -وهي قصة حقيقية- أخبرني عنها خالد ولن اشير الى ابن من يكون خالد .. واسمه بالمناسبة مش خالد ..
صدقت ايها الحاج "عصيان عصيان واحسان أرجل من كثير من قرايبها المحسوبين على الرجولة والرجال ويتباهون يتكثيف شواربهم واستعراض عضلاتهم المفتولة من ايام ماكانوا بالقوات الخاصة".. وللأسف هي الحقيقة الا من رحم ربي من المستيقظين حديثا..
- يا أهل قريتي وقرى اربد..
يا اهل المشارع وجديتا وعجلون وصخرة وكتم وسحم الكفارات والسمط وزوبيا وعنجرة وصخرة وحلاوة وبيت يافا وياكل الاردنيين..
يا أهل الكرك وقرى الكرك ..
يا اهل معان وبلدات معان
يا اهل الطفيلة وكل الجهات
يا اهل المفرق ويا ابناء البادية في الوسط والجنوب والشرق والغرب يا اهل الشونة والسلط والزرقاء وجبال عمان كلّها ويا ابناء الزيتون ..
يا كلّ المنسيين الذين لايدري عن أمر بؤسكم أحد..
عبّدوا شوارعكم بأيديكم ..
هيّؤوها للمطر وللخير الوفير وللفرح القادم ولمحاصيل القمح وازرعوا ما تيسّر لكم من بذور الارض وتعاونوا على نهضة بلدنا وامّتنا وقومنا .. والله لن يضيع عمل عامل منكم والحقّ أحقّ أن يُتّبع ..
أيّها الأردنيون لاتصلبوا الحقائق على الجدران الخلفية وسمّوا الأشياء بمسمّياتها وكونوا صادقين مع أنفسكم قبل الجميع ..
ملاحظة: أدعو جميع الأردنيين للمشاركة بصياغة مايجب ان تكون عليه المرحلة القادمة ولا خير في قوم ولّوا أمرهم لزمرة فاسدة تضجّ كالضفادع والحشرات في جنبات القصر..
أكتبوا هنا او اكتبو على صفحاتي في الفيس بوك او فلترسلوا لي ولو همسا ولست ممن يخذلون ولو قطّة على أرصفة الغرباء ..
كونوا بخير ايّها الأردنيون وللمركبة ربّ يحميها ..

No comments:

Post a Comment