الطفيلة: عندما نخطئ في العنوان!
محمد ابو رمان 3/15/2012 10:57:00 PM
لم ينته الحراكالأعلى سقفاًفي الطفيلةمع سلسلةالاعتقالات التيحدثت، حتى لو تجاوزتالعدد الحالي. فالقصة، بالتأكيد،ليست مرتبطةبعشرين أو ثلاثين شخصا (فقط) هم من يقفونوراء هذا السقف المرتفعهناك، وفقاًللقناعة لدى دوائر القرارالتي توارتوراء اللجوءإلى هذا "الحل"؛ الاعتقالاتوالمحاكم.من استمع إلى والدتي المعتقلينسائد العورانومجدي القبالين،يدرك تماماًأنّ القصةليست "أشخاصاً" خرجوا عن الطوق، بل هي "مزاج" جديد أو ميدان مختلفعن السابق،وهو ما لم تنفعمعه الأساليبالقديمة بدعوىاستعادة هيبةالدولة ومنعالتطاول على الخطوط الحمراء. بالطبع، الأغلبيةالساحقة من الأردنيين مع الإصلاح الجوهريبوصفه سقف المطالب، لكن لم تخرجبعض الشعاراتأو الخطاباتفي المسيراتالأخيرة في الطفيلة أو حيّها في عمان عن هذا الخط،إلاّ بعد أن جرّبت "الدولة" الأساليبالخاطئة كافّةمعهم، من إنكار الحراك،إلى الحديثعن "محرّكين" غاضبين والزجبعدد من أبناء المحافظةإلى مؤسساتالقرار، أو محاولة إنهائهبالوسائل كافة،وصولاً إلى الاعتقالات، ما خلق قناعةلدى الناسبأنّ المطلوبليس الإصلاحالحقيقي، بل الاحتواء وشراءالوقت!المزاج السياسي في الطفيلة يختزلالنتائج السلبيةلفشل السياساتالسابقة (التهميش السياسي لأبناءالمحافظات، الأوضاعالاقتصادية المتدهورة،البطالة والفقر،الإحباط وخيبةالأمل..)، فالحراكليس معزولاًعن سياقهالاجتماعي، وهي حالة تقع فيها الطفيلةعلى أعلىالسُلّم البيانيللمزاج الشعبيالمحتقن، لكن المحافظات الأخرىموجودة بدرجاتمتفاوتة على السلّم نفسه.صحيح أنّ من يقودالحراك مجموعةشباب، لكن لديهم "أرضاخصبة"، وهم ليسوا ضد الدولة أو عبثيين (حتى مع تجاوزخطابهم السقوفالمعروفة)، فرياحالربيع العربيتهب على المنطقة بأسرها،وترفع من وتيرة الخطاب،وهي حالةجديدة تتطلبوعياً رسمياًأكثر عمقاً. وأشير هنا إلى كتابد. مارك لينش الجديد (من أبرزالباحثين الأميركيينفي شؤونالمنطقة) عن التمرد العربي،بعنوان "ثورةغير منتهيةفي الشرقالأوسط الجديد" (صدر قبل أيام قليلةفي واشنطن). إذ يمثّلأحد أكثرالكتب عمقاًوفهماً لطبيعةالتحولات الجارية،والتي تدخلإلى نطاقتشكل وعي وميدان ومزاجشعبي جديدفي العالمالعربي اليوم. أمّا الجانبالآخر من الصورة، الذيلا يراهالمسؤولون أو يتجاهلونه، فهو أنّنا أمامشباب يريدونالإصلاح والدخولفي مرحلةجديدة في العلاقة مع الدولة، مغايرةللنمط التقليدي- الريعي والزبوني،بعد أن انتهت المعادلةالسابقة اقتصادياوسياسيا، ولم تعد تخدملا النظامالسياسي ولا المجتمع، وتحديداالشرق أردنيينالذين شكلواركيزة أساسيةفي تلك المرحلة.عندما نخطئ في العنوان نضل الطريق. إذ إنّ السياسيينفشلوا في بناء رسالةجديدة للدولة،وشرح ما يحدث للرأيالعام، وتقديمتصورهم للمرحلةالمقبلة. بدلاً من ذلك،عانت هذه الرسالة السياسيةوالإعلامية من الغموض والالتباسوالتناقض في أحيان كثيرة،ما عزّزالقناعة لدى مزاج شعبيسياسي، حتى إن كانتهذه القناعةغير دقيقة،بأن سلوكالدولة ملتومراوغ في التعامل مع "استحقاقات المرحلةالجديدة". الاعتقالاتلن تخفيعجز "النخبةالسياسية الرسمية" عن بناءجسور الاتصالوالحوار المعمّقمع القوىالجديدة، والوصولمعها إلى تفاهمات حول خطوات الوصولإلى أهدافالإصلاح. ولو كان هنالكحوار حقيقيلترسيم هذه الرؤية المشتركة،فإنني أجزمأنّ الأمورلم تكن لتصل إلى هذا المستوى،أو ما هو أخطرمنه لاحقاً!.
(الغد)
No comments:
Post a Comment