اتفاقية العار مع شركة البترول البريطانية
الكاتب: فريق ركن متقاعد موسى العدوان الإثنين, 04 حزيران 2012 22:00
فريق ركن متقاعد موسى العدوان:- عندما سار قلمي وخط عنوان هذه المقالة اكتشفت بعد كتابتها بأن كلمة' الغاز' قد ظهرت خالية من النقط وأخذت صفة غير مقصودة، فلم أشأ أن أعيدها إلى أصلها اعتقادا مني بأن القلم ربما نطق بالحقيقة بغير إرادتي.فمن شاهد وسمع برنامج' في الصميم' الذي تُعده وتُقدمه الإعلامية المتميزة الدكتورة رلى الحروب على قناة جو سات مساء الأربعاء الماضي 30 / 5 / 2012 حول اتفاقية غاز الريشة مع الشريك الاستراتيجي (شركة البترول البريطانية B P) والذي أعيد بثه خمس مرات خلال 24 ساعة، لا بد وأنه أصيب مثلي بصدمة كبيرة لما احتواه من معلومات خطيرة.شارك في تلك الحلقة من البرنامج النائبان صلاح محارمه وغازي مشربش، إضافة إلى خبير البترول الدولي القدير المهندس مبارك الطهراوي. وقد خلصنا من تلك المعلومات التي قدمها المهندس الطهراوي والنائب المحارمه إلى أننا أمام قضية فساد كبيرة ترقى إلى حد الجريمة بحق الوطن، وبتغطية رسمية من مجلس النواب السادس عشر.لقد بين المهندس الطهراوي عشر نقاط سلبية احتوتها الاتفاقية ، ولمن لم يشاهد تلك الحلقة سأذكر فيما يلي بعضا منها:
1. تمنح الاتفاقية شركة البترول البريطانية امتياز الغاز في منطقة الريشة لمدة 50 عاما، وتؤول ملكيته لاحقا إليها بما في ذلك المعدات وبنسبة 100 % وبهذا تفقد شركة البترول الأردنية حقها في استغلال أي جزء من غاز الريشة الوطني.
2. للشركة البريطانية الحق في بيع الغاز للأردنيين بالأسعار العالمية.
3. تعتبر النسخة الإنجليزية للاتفاقية هي المرجعية عند الاختلاف بين الطرفين وليست النسخة العربية التي جرى التوقيع عليها، ويجري الاحتكام في الاختلاف أمام القضاء البريطاني.
4. تُعفى الشركة من دفع الضرائب والرسوم إلى الخزينة الأردنية.
5. لا تلتزم الشركة باستخدام أي عامل أو موظف أردني ضمن كوادرها.
6. تقوم الشركة بإيداع عائداتها النقدية في البنوك الأجنبية دون البنوك الأردنية.
هذه الاتفاقية التي يبدو أنها مجحفة بحق الوطن، أجازها مجلس النواب بمناقشة لم تتجاوز ربع ساعة، رغم معارضة عدد كبير من النواب الشرفاء لهذه الاتفاقية التي تشكل فضحية تاريخية، ستلاحق هذا المجلس كما ستلاحقه فضائحه السابقة إلى أبد الدهر.
وهنا لابد لنا من التساؤل: كيف تمرر حكومتنا الموقرة هذه الاتفاقية بكل ما ورد فيها من سلبيات دون رفضها أو تعديلها على الأقل؟ هل درس المستشارون القانونيون هذه الاتفاقية وأجازوها، أم أنها مررت من تحت الطاولة دون الاستنارة بالرأي القانوني، رغم أنها أمضت
ما يقارب العامين وهي تراوح بين الأدراج؟ ولماذا تكرر الحكومة الحالية ما فعلته حكومات سابقة على غرار ما حدث في اتفاقية الكازينو نصا وروحا؟
وفي هذا السياق نتساءل أيضا: كيف يمكن للحكومة أن تقنعنا بأنها حريصة على مصلحة الوطن والمواطن على ضوء هذه الاتفاقية، وتتجرأ لاحقا على مد يدها إلى جيوب المواطنين، بدلا من استغلال ثروات الوطن المهدورة واستخدامها بطريقة صحيحة؟
مسكين أيها الوطن فحالك يدعو إلى الحزن والرثاء، لأن من توهمت أنهم أبناؤك المخلصون، وحَمَلْتَهم فوق ظهرك كل هذه السنين، خذلوك في الحصول على حقك الشرعي، وظهروا على حقيقتهم بعد أن قست قلوبهم، فطعنوك بخناجرهم ورهنوا ثرواتك ومصيرك إلى جهات أجنبية.
لقد تمادى الفاسدون في مختلف المواقع بامتهان كرامة الوطن وامتدت أيديهم إلى المحرّمات، لأنهم لم يجدوا من يصدهم عما يقترفون من الموبقات. ولهذا سيستمر مسلسل الفساد يتنقل من موقع إلى آخر ومن اتفاقية مشبوهة إلى أخرى، فنفاجأ بين فينة وأخرى بجريمة فساد جديدة تهز الرأي العام المحلي ولكنها تمر دون عقاب، بحيث أصبح الفساد مؤسسة متجذّرة تتغلغل في مفاصل الدولة، وتفسد نظامها الوظيفي والأمني من داخل أحشائها.
أسئلة جوهرية تطرح نفسها في هذا المقام وهي: أين الجهات الرقابية في الدولة ؟ وأين دور مجلس النواب الرقابي؟ وما هي مهمة الجهات التشريعية وديوان المحاسبة ودائرة مكافحة الفساد؟ لماذا لا تستطيع كل تلك الجهات أن تكتشف مثل هذه القضايا الكبيرة التي تمس أمن الوطن والتي هي من صميم عملها، قبل ان تكشفها الجهات الأخرى بعد فوات الأوان؟
لقد قدّم الخبراء والكتاب الحريصون على مصلحة هذا البلد النصح للمسئولين في مناسبات عديدة ، مشيرين إلى نواحي الضعف ونقاط الاختلال في عملية إدارة الدولة . ولكن الحكومات المتعاقبة لم تسمع النصائح وقد لا تسمعها في المستقبل، على اعتبار أنها هي وحدها من يمتلك الحقيقة ومن يعرف مصلحة البلاد دون نصيحة من أحد.
ونتيجة لهذا الإصرار من قبل الحكومات المتعاقبة على اتباع هذا الأسلوب في إدارة الدولة ، استنتجنا بأنها قد اختطت لنفسها استراتيجية عمل خاصة ترتكز على قاعدتين : القاعدة الأولى ــ أن رأي الحكومة وقراراتها دائما صحيحة . القاعدة الثانية ــ إذا اعتقدت أيها المواطن بأن رأي الحكومة وقراراتها خاطئة، فارجع إلى القاعدة الأولى لتتأكد من الصحيح.
لا شك بأن هذه السياسة مع ما رافقها من تضييق على الحريات الصحفية وتزايد الفقر والبطالة والبطء في عملية الإصلاح وطوي بعض ملفات الفساد، تسببت جميعها في احتقان الشارع وغضب المواطنين. وهذا الوضع يذكرنا بوضع مشابه مرت به البلاد في عقد الثمانينات من القرن الماضي.
ففي شهر نيسان عام 1989 ألقى شاعر اردني معروف قصيدة معبّرة في إحدى المناسبات الوطنية ، وصف بها الحالة المتردية التي كانت تسود الساحة الأردنية . واستنجد من خلالها بصاحب الولاية كي ينقذ البلاد من الأزمات المختلفة التي تعيشها آنذاك . كانت القصيدة طويلة ولكنني سأقتبس منها بعض الأبيات دون ترتيب:
يا شاعر الشعب صار الشعب مزرعة لحفنة من عكاريت وزعران
لا يخجلون وقد باعوا شواربنـــــا من أن يبيعوا اللحى في أي دكــان
فليس يردعهم شــيء ولـيس لــهم سوى جمع أموال وأعوان
وربما ربما يا ليــت ربتـــها تصحو فتنقذها من شر طوفان
لم يأخذ المسئولون في حينه بهذا النداء ولا بهذه النصيحة ، واستمرت الحال كما هو عليه إلى أن جاءت هبة نيسان في نفس الشهر ، لتقلب كل الموازين وتؤطر لحياة ديمقراطية إصلاحية، ثم تضع القطار على سكته الصحيحة.
فهل يعيد التاريخ نفسه في هذه الأيام ؟ وهل نحن إزاء حالة مشابهة لحالة الثمانينات والتي تتطلب من صاحب الولاية أن يضع الأمور في نصابها الصحيح ؟ شخصيا لا أعرف الإجابة على هذين السؤالين.. بل سأترك الإجابة عليهما لصاحب الشأن الذي له الخيار في الإجابة أو تجاهلها..!
هذه الاتفاقية التي يبدو أنها مجحفة بحق الوطن، أجازها مجلس النواب بمناقشة لم تتجاوز ربع ساعة، رغم معارضة عدد كبير من النواب الشرفاء لهذه الاتفاقية التي تشكل فضحية تاريخية، ستلاحق هذا المجلس كما ستلاحقه فضائحه السابقة إلى أبد الدهر.
وهنا لابد لنا من التساؤل: كيف تمرر حكومتنا الموقرة هذه الاتفاقية بكل ما ورد فيها من سلبيات دون رفضها أو تعديلها على الأقل؟ هل درس المستشارون القانونيون هذه الاتفاقية وأجازوها، أم أنها مررت من تحت الطاولة دون الاستنارة بالرأي القانوني، رغم أنها أمضت
ما يقارب العامين وهي تراوح بين الأدراج؟ ولماذا تكرر الحكومة الحالية ما فعلته حكومات سابقة على غرار ما حدث في اتفاقية الكازينو نصا وروحا؟
وفي هذا السياق نتساءل أيضا: كيف يمكن للحكومة أن تقنعنا بأنها حريصة على مصلحة الوطن والمواطن على ضوء هذه الاتفاقية، وتتجرأ لاحقا على مد يدها إلى جيوب المواطنين، بدلا من استغلال ثروات الوطن المهدورة واستخدامها بطريقة صحيحة؟
مسكين أيها الوطن فحالك يدعو إلى الحزن والرثاء، لأن من توهمت أنهم أبناؤك المخلصون، وحَمَلْتَهم فوق ظهرك كل هذه السنين، خذلوك في الحصول على حقك الشرعي، وظهروا على حقيقتهم بعد أن قست قلوبهم، فطعنوك بخناجرهم ورهنوا ثرواتك ومصيرك إلى جهات أجنبية.
لقد تمادى الفاسدون في مختلف المواقع بامتهان كرامة الوطن وامتدت أيديهم إلى المحرّمات، لأنهم لم يجدوا من يصدهم عما يقترفون من الموبقات. ولهذا سيستمر مسلسل الفساد يتنقل من موقع إلى آخر ومن اتفاقية مشبوهة إلى أخرى، فنفاجأ بين فينة وأخرى بجريمة فساد جديدة تهز الرأي العام المحلي ولكنها تمر دون عقاب، بحيث أصبح الفساد مؤسسة متجذّرة تتغلغل في مفاصل الدولة، وتفسد نظامها الوظيفي والأمني من داخل أحشائها.
أسئلة جوهرية تطرح نفسها في هذا المقام وهي: أين الجهات الرقابية في الدولة ؟ وأين دور مجلس النواب الرقابي؟ وما هي مهمة الجهات التشريعية وديوان المحاسبة ودائرة مكافحة الفساد؟ لماذا لا تستطيع كل تلك الجهات أن تكتشف مثل هذه القضايا الكبيرة التي تمس أمن الوطن والتي هي من صميم عملها، قبل ان تكشفها الجهات الأخرى بعد فوات الأوان؟
لقد قدّم الخبراء والكتاب الحريصون على مصلحة هذا البلد النصح للمسئولين في مناسبات عديدة ، مشيرين إلى نواحي الضعف ونقاط الاختلال في عملية إدارة الدولة . ولكن الحكومات المتعاقبة لم تسمع النصائح وقد لا تسمعها في المستقبل، على اعتبار أنها هي وحدها من يمتلك الحقيقة ومن يعرف مصلحة البلاد دون نصيحة من أحد.
ونتيجة لهذا الإصرار من قبل الحكومات المتعاقبة على اتباع هذا الأسلوب في إدارة الدولة ، استنتجنا بأنها قد اختطت لنفسها استراتيجية عمل خاصة ترتكز على قاعدتين : القاعدة الأولى ــ أن رأي الحكومة وقراراتها دائما صحيحة . القاعدة الثانية ــ إذا اعتقدت أيها المواطن بأن رأي الحكومة وقراراتها خاطئة، فارجع إلى القاعدة الأولى لتتأكد من الصحيح.
لا شك بأن هذه السياسة مع ما رافقها من تضييق على الحريات الصحفية وتزايد الفقر والبطالة والبطء في عملية الإصلاح وطوي بعض ملفات الفساد، تسببت جميعها في احتقان الشارع وغضب المواطنين. وهذا الوضع يذكرنا بوضع مشابه مرت به البلاد في عقد الثمانينات من القرن الماضي.
ففي شهر نيسان عام 1989 ألقى شاعر اردني معروف قصيدة معبّرة في إحدى المناسبات الوطنية ، وصف بها الحالة المتردية التي كانت تسود الساحة الأردنية . واستنجد من خلالها بصاحب الولاية كي ينقذ البلاد من الأزمات المختلفة التي تعيشها آنذاك . كانت القصيدة طويلة ولكنني سأقتبس منها بعض الأبيات دون ترتيب:
يا شاعر الشعب صار الشعب مزرعة لحفنة من عكاريت وزعران
لا يخجلون وقد باعوا شواربنـــــا من أن يبيعوا اللحى في أي دكــان
فليس يردعهم شــيء ولـيس لــهم سوى جمع أموال وأعوان
وربما ربما يا ليــت ربتـــها تصحو فتنقذها من شر طوفان
لم يأخذ المسئولون في حينه بهذا النداء ولا بهذه النصيحة ، واستمرت الحال كما هو عليه إلى أن جاءت هبة نيسان في نفس الشهر ، لتقلب كل الموازين وتؤطر لحياة ديمقراطية إصلاحية، ثم تضع القطار على سكته الصحيحة.
فهل يعيد التاريخ نفسه في هذه الأيام ؟ وهل نحن إزاء حالة مشابهة لحالة الثمانينات والتي تتطلب من صاحب الولاية أن يضع الأمور في نصابها الصحيح ؟ شخصيا لا أعرف الإجابة على هذين السؤالين.. بل سأترك الإجابة عليهما لصاحب الشأن الذي له الخيار في الإجابة أو تجاهلها..!
No comments:
Post a Comment