الطفيلة عاصمة السياسة الأردنية .. طوبى لكم أيها الطفايلة
10-03-2012 09:28 PM طباعة
جراسا نيوز -
جراسا -
خاص - أحمد الربابعة - قبل نحو عام تقريبا، وفي الأشهر الأولى للحراك الأردني، أو ما يمكن تسميته الربيع الأردني المنبثق من ربيع أمته العربية، كانت محافظة الطفيلة تلتزم الهدوء، ولم تكن الأنظار متجهةً إليها، ولا ربما إلى غيرها من محافظات ومناطق الأردن، باستثناء ذيبان في محافظة مادبا(شرارة الثورة الأردنية)؛ ظناً أن ما يحدث من حراك ونشاط سياسي هو للأحزاب وحدها داخل العاصمة عمان، وهي الرواية الرسمية التي كان يُعمل على ترويجها من أجل إضعاف الحراك وتجييش البعض ضده.
وبعد خمسة أشهر تقريباً من الحراك الشعبي الأردني، جاءت المفاجأة من الطفيلة نفسها، حين أعلن أبناؤها انضمامهم للحراك الشعبي إلى جانب أبناء شعبهم في معظم المحافظات والمناطق، ولكن بحماس ونشاط كبيرين وسقف هتافات مرتفع أعجب الكثيرين، وأقلق النظام، وهو ما فسره البعض في ذاك الوقت، بأنه حراك من أجل مطالب خداماتيه واقتصادية، كون الطفيلة من المحافظات الأشد فقراً وبطالة في الأردن، فهب النظام الأردني في ذاك الوقت لتقطيب الجرح النازف في الجنوب، مغبة اتساعه لبقية مناطق الأردن، فقدم على العجل مبلغ (15 مليون دينار أردني) دعماً للطفيلة، ثم تبعته منحه يابانية للطفيلة بمبلغ (23.5 مليون دولار) بسبب الاحتجاجات الدائرة فيها.
لكن المفاجأة الأكبر جاءت بعد ذلك، حين أستمر أبناء الطفيلة بالمسيرات والاحتجاجات، وبتصعيد حراكهم، مفاجئين الجميع ومعلنين أن مطالبهم لم تكن خداماتيه فحسب، أو أنها متعلقة بمحافظتهم وحدها، وإنما هي مطالب سياسية ولكل أبناء الشعب الأردني، ومتفقة ومنسجمة مع كل حراكات الأردن، والمتمثلة بمحاربة الفساد، وتعديل الدستور، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومجلس نواب نزيه، وحكومة منتخبة. وشاهدنا كيف أخذ حراك الطفيلة بالتوسع وبأشكال عدة، مصحوبا بالعزيمة والإبداع والنجاح، كان أبرزه: اعتصام جامعة الطفيلة التقنية المفتوح، والذي كسر سطوة الأجهزة الأمنية المتغلغلة في الجامعات الأردنية والمتحكمة بقراراتها بالعادة.
أصبحت الأنظار معلقة على الطفيلة وأبناءها، وبعد أن كانت أعين الأردنيين ترقب تطورات المشهد أمام المسجد الحسيني في عمان، صارت ترقب تطورات المشهد في الطفيلة، وماذا سيصدر هناك؛ حيث صارت بيانات أبناء الطفيلة وأخبار حراكها وصورهم ومقاطع الفيديو التي تسجل هناك، مدار بحث ومتابعة الأردنيين، وسلعة مطلوبة عند وسائل الإعلام.
المتابع لحراك الطفيلة سيجد أن أبناء الطفيلة أو الطفايلة كما يروق للأردنيين تسميتهم، على درجة كبيرة من الوعي والعزيمة والاتفاق فيما بينهم، والإصرار على المطالبة بالإصلاح حتى في أيام الثلج وليالي رمضان وغير أيام الجمعة، والمتابعة لقضايا الدولة الأردنية، وتاريخها، وما هو المطلوب بالضبط، وما يجب الحذر من الوقوع في فخه، ويجد حراك الطفيلة الشبابي مدعوما من الآباء أو الكبار الذين يشتركون معهم في فعالياتهم وهتافاتهم، ويلمس نبلاً في شخصيات أبناءه، الذين يتجلى همهم في تحقيق الإصلاح وتحقيق الأفضل للدولة، دون طمع في منصب أو جاه كبعض التيارات والأحزاب التي يمثل هذا الطموح واحدا من أهدافها؛ وهذا ما جعل هذا الحراك يتوسع ويقوى ويستقطب المؤيدين يوماً بعد يوم.
لقد أضحت الطفيلة عاصمة السياسة الأردنية باستحقاق، وبعزيمة أبناءها، وأضحى حيّهم (حي الطفايلة) في العاصمة عمان والذي كان يعرف عنه أنه حي شعبي فقير؛ حي سياسي وثقافي ينتج نخبة من الناشطين والمطالبين بالإصلاح، وهذا ما أثبته حجيج الأردنيين المطالبين بالإصلاح للمشاركة في مسيرات واعتصامات الطفيلة والطفايلة، والحرص على متابعة أخبارها وصورها، واستيراد الشعارات والهتافات النوعية التي أصبحت تنتجها وتصدرها الطفيلة، والتي صيغت بدراسة وإبداع واتزان وجرأه؛ للتعبير عن الحالة السياسية الأردنية وما هو المطلوب بالضبط، لذلك لم يكن غريباً أن يتوافد مئات الأردنيين يوم الجمعة الماضية إلى محافظة الطفيلة نصرة لأربعة من أحرارها تم اعتقالهم لنشاطهم السياسي.
نقول لأحرار الطفيلة المعتقلين وغير المعتقلين، لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ... فطوبى لأم مجدي القبالين ولكل أمهات أحرار الطفيلة بكم ... وطوبى لكم بمثل هكذا أمهات شجاعات ... وطوبى للطفيلة بأبنائها ... وطوبى لنا بالطفيلة.