عمان1:قال رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت إن حكومته الأولى أوقفت العمل باتفاقية كازينو البحر الميت لاعتبارات سياسية لم يسمها.
وأضاف خلال شهادته التي أدلى بها صباح الأحد، أمام محكمة جنايات عمّان، أن كل ما تم باتفاقية الكازينو كان حسب الأصول والقوانين، مشيرا إلى أن وزير الدولة للشؤون القانونية المرحوم خالد الزعبي أقر بذلك أيضا.
وأشار إلى أن حكومته ركزت عند اقرارها اتفاقية الكازينو على العائد المالي، الذي كان أولا لمصلحة الخزينة، حيث قدرت عوائدها بنحو 100 مليون دينار.
وتابع" ثانيا كان هنالك مصلحة إجتماعية من الاتفاقية وهي أنها كانت ستوفر 5 آلاف فرصة عمل للأردنيين"، مؤكدا أن هذه التقديرات علم بها من وزير السياحة في حكومته أسامة الدباس.
وقال إن حكومته الثانية احالت الاتفاقية إلى مجلس النواب، لأنه لم يكن يعرف بوجود اتفاقية معدلة الغت الاتفاقية الأولى.
ونفى البخيت في شهادته وجود "تعليمات من فوق" اجبرت الحكومة على إقرار الاتفاقية، مشيرا إلى أنه لا مصلحة له وللدباس في توقيعها.
وكان البخيت طوال فترة إدلائه بشهادته يبادل المحامين "المزاح" وكان مرحا خلال الجلسة.
وقدّم رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت الأحد، ما يشبه الخلفية التاريخية عن ترخيص الكازينوهات في الأردن، في سنوات سابقة.
وقال البخيت إن فكرة الكازينو ليست جديدة، ولم تكن في الأساس من وزير السياحة الأسبق المتهم في قضية متعلقة بالكازينو، أسامة الدباس.
وقال لمحكمة جنايات عمّان المنعقدة برئاسة القاضي اميل الرواشدة وعضوية القاضي أشرف العبدالله، إن البحر الميت شهد كازينو عامل عام 1962.
وأضاف البخيت وهو شاهد نيابة في قضية كازينو البحر الميت، أن مجلس الوزراء قرر عام 1975 السماح لكافة فنادق الخمس نجوم في الأردن بإنشاء صالات كازينو في داخلها.
وبين أن هذا القرار تم إيقافه عام 1976.
وزاد الشاهد (65 عاماً) وهو رئيس الوزراء في الحكومة التي وافقت على إنشاء كازينو البحر الميت، أن هناك تراخيص لكازينوهات في العقبة والمعبر الشمالي.
وكشف عن وجود كازينو في الأردن عام 1945، ولم يتحدث عن تفاصيله.
====
روى رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت تفاصيل قضية كازينو البحر الميت منذ بروز الفكرة حتى توقيع الاتفاقية ثم إيقافها وقيامه بإحالتها للتحقيق بنفسه.
وقدّم البخيت في شهادته لمحكمة جنايات عمّان التي انعقدت الأحد برئاسة القاضي اميل الرواشدة وعضوية القاضي أشرف العبدالله، روايته كرئيس وزراء في المرحلة التي وقعت فيها الاتفاقية.
كما أجاب على أسئلة وكيل الدفاع عن المتهم بالقضية، وزير السياحة الاسبق أسامة الدباس، المحامي يوسف الفاعوري خلال مناقشته المطولة التي شهدت مشادات كلامية محدودة بين الرجلين.
وكان البخيت يستغرب بعض أسئلة الفاعوري له، باعتباره غير مطالب بقراءة كافة الأوراق والكتب التي ترد إليه، ويكتفي بإيجازات الوزراء المعنيين له.
ووصل الأمر به للرد على الفاعوري بالقول أكثر من مرّة "انت بتسألني كأني مدير قلم"، وتساءل مستنكراً في وقت لاحق "أنا بدي أقرأ اتفاقيات الرز واللحمة؟" في إشارة إلى الكم الكبير من الاتفاقيات التي توقعها الحكومات.
كما احتد رئيس الوزراء الأسبق على ما وصفه بالأسلوب غير السليم للفاعوري بتوجيه سؤال له.
ورغم المشادات، كان البخيت مبتسماً في معظم الوقت، وغلبه الضحك في كثير من الأحيان عندما يهمّ المحامي الفاعوري بإبراز وثيقة له، لكثرة ما أطلعه عليه من مبرزات وأوراق وكتب رسمية.
** بروز الفكرة
قال الشاهد إن الأمر بدأ عندما أبدت عدة شركات اهتماماً بإقامة منتجعات في منطقة البحر الميت، كان من ضمنها مشروع الكازينو.
وقال البخيت للمحكمة "بدأنا مشاورات على مستوى الوزراء المعنيين" وخلال جلستين خارج مجلس الوزراء، تبين أن هناك تبايناً بالرأي القانوني.
وقال إن الأرباح المتأتية للخزينة قدّرت في ذلك الحين بنحو 100 مليون على الأقل، في حين كان المشروع يكفل تشغيل 5000 أردني وفقاً له.
وأكد أن معظم الوزراء بمن فيهم العدل والمالية كانوا مقتنعين بالجانب الاقتصادي للمشروع والشق المالي له، خلافاً للجانب القانوني.
** لماذا تجاوز البخيت رأياً قانونياً؟
وبرر البخيت عدم أخذه بالرأي القانوني الذي يقول بعدم قانونية إنشاء كازينو في الأردن، بأن أصحاب الرأي لم يجيبوا على استفساراته.
وقال إنه كان أمام رأيين قانونيين فيما يتعلق بترخيص كازينو في منطقة البحر الميت.
وأوضح أن أحد الرأيين المقدم من وزير العدل في حكومته الأولى شريف الزعبي، ورئيس المحكمة الدستورية الحالي، الخبير القانوني الدكتور طاهر حكمت، كان يقول بعدم قانونية الخطوة، مستدلاً بنصوص دستورية.
لكن البخيت الذي مثل أمام المحكمة بصفته شاهد نيابة، أشار إلى أنه كان يستفسر من الزعبي كيف تم إنشاء وترخيص كازينوهات سابقة في البلاد قبل ذلك.
وأكد أن الزعبي لم يكن يعطيه إجابة سوى العودة للشريعة الإسلامية.
وفي وقت لاحق من شهادته، قال البخيت إنه لم يقرأ سوى صفحتين من مذكرة الزعبي القانونية التي كانت تبين أسباب عدم قانونية إنشاء الكازينو، وكانتا تتحدثان عن الأمور الدينية والنص الدستوري الذي يقول إن دين الدولة الإسلام.
والمذكرة مكونة من 6 صفحات وفقاً لشهادة شريف الزعبي السابقة.
وأشار رئيس الوزراء الأسبق إلى أنه مازح الزعبي بقوله "صاير شيخ"، وطلب إليه الاستعانة برأي طاهر حكمت، كونه يثق برأيه.
وقال إن رأي حكمت جاء مطابقاً لرأي الزعبي، من حيث عدم قانونية إنشاء الكازينو.
وحول الرأي القانوني الثاني، بين البخيت أن كلاً من وزير الدولة للشؤون القانونية في حينه المرحوم خالد الزعبي ومحاميين آخرين تبنوه، مشيرين إلى أن قانون السياحة يجيز إصدار تعليمات تقونن عملية إنشاء كازينو.
ولم يأخذ البخيت بالرأي الأول وفقاً لشهادته، مبرراً ذلك بأنه سأل الزعبي كيف أنشئت كازينوهات سابقة في 1945 و1962 و1975 وكازينوهات العقبة والمعبر الشمالي، لكن الأخير لم يعطه إجابة على حد قوله.
وأكد أن الزعبي كان يكتفي بالرجوع للشريعة الإسلامية في هذا الخصوص.
وبين أن وجود اتفاقية كازينو سابقة (العقبة) كان من بين الأسباب التي جعلته يرجح رأياً قانونياً على آخر.
** لم أطلب استبعاد أحد من الجلسة
بعد ذلك، قرر البخيت حسب شهادته طرح الأمر على مجلس الوزراء، وأكد أنه أمر بإدارجه على جدول أعمال المجلس.
وقال إنه في جلسة مصغرة برئاسة خالد الزعبي، وافق مجلس الوزراء من حيث المبدأ على الاتفاقية وتفويض وزير السياحة – المتهم بالقضية – بمتابعة الموضوع.
ونفى البخيت مطلقاً أن يكون طلب استبعاد أي وزير من الجلسة، ونفى علمه بأسباب تغيب شريف الزعبي ووزير الأوقاف في حينه عبد الفتاح صلاح عن الجلسة.
ورجح الشاهد أن يكون رئيس الجلسة خالد الزعبي اجتهد باستبعاد وزير الأوقاف حتى لا يحرجه، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، أكد البخيت أن الدباس لم يتطرق سوى للأمور المالية والاقتصادية، فيما تولى خالد الزعبي الشؤون القانونية.
وقال إن الزعبي أبلغه بأن كافة الأمور قانونية وتسير وفق الأصول، قبل التوقيع على الاتفاقية والموافقة عليها، ناقلاً عن الأخير إبلاغه له بوجود قرار من المجلس الوطني للسياحة باعتبار الكازينو نشاطاً سياحياً وفق القانون.
وأشار إلى أنه لم يتوثق من ذلك، لكنه اعتمد على الزعبي وكلامه باعتباره وزيراً قديماً ومختصاً بالقانون.
في سياق متصل، قال البخيت إن الدباس والزعبي أخبراه بوجود عروض من شركات لإنشاء كازينو، وإنه اطلع على هذه العروض بشكل سريع.
وبين أن أفضل هذه العروض كان من شركة "الواحة" Oasis من حيث المردود المالي.
** وقف الاتفاقية لأجل "القوى السياسية"
وروى الشاهد كيفية وقف الاتفاقية بقوله إن ظروفاً سياسية استجدت ولاعتبارات طبيعة "القوى السياسية"، دفعت به للتفكير بإلغائها.
وقال إنه استدعى خالد الزعبي وأسامة الدباس وقال لهما "نريد أن نوقف هذا المشروع لأن الظروف تغيرت".
ونقل عن الزعبي قوله إنه بحاجة لمهلة حتى يدرس الاتفاقية لضمان عدم ترتب أي شروط جزائية أو مبالغ على الحكومة الأردنية.
وتحدث البخيت عن أن القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء بتاريخ 6/11/2007 كان بصيغة تضمن عدم ترتب أي التزامات على الخزينة لصالح المستثمر.
وأكد أنه على حد علمه، لم يطالب المستثمر الحكومة بأي تعويضات ولم يقم عليها أي دعوى قضائية، طيلة فترة رئاسته للحكومة الأولى (2005 – 2007) والثانية (2011).
** "كازينو البحر الميت أفضل من العقبة"
وأشار الشاهد إلى أنه سمع أن المردود المالي لكازينو البحر الميت، أفضل من الذي كان سيتأتى للخزينة من كازينو العقبة.
وأوضح أنه وفقاً لما نقله له الدباس، والوزراء في عهده، فإن عوائد الخزينة من كازينو البحر الميت كانت حوالي 40- 45% من إجمالي الدخل، بينما قال إن حصة الخزينة من دخل كازينو العقبة كانت بين 15 – 20%.
وقال إن المفاضلة التي أجريت بين اتفاقية العقبة واتفاقية البحر الميت، أظهرت أفضلية الأخيرة على الأولى.
وأضاف البخيت أنه كان على علم بوجود كازينو في العقبة، لكنه لم يكن مطلعاً على اتفاقيته.
** دور الدباس
ووصف البخيت مناقشات الدباس بموضوع الكازينو بأنها "منطقية" وتتركز حول الجانب الاقتصادي للأمر، وأن دور الأخير كان "حسب الأصول والعرف".
وأكد البخيت أن الدباس لم يعارض قرار وقف العمل بالكازينو.
وقال إن الزعبي أخبره قبل توقيع الاتفاقية بأن "كل شيء حسب الأصول".
وقال "أجزم أمام المحكمة أنه ليس هناك مصلحة لي" أو للدباس أو لأي أحد من موضوع الكازينو.
وأشار إلى أن الهدف من الكازينو كان اقتصادياً بحتاً، واجتماعياً بالدرجة الثانية حيث "يوفر 5000 فرصة عمل" للأردنيين.
وقال الشاهد إن مجلس الوزراء هو من كلّف الدباس بالتفاوض مع المستثمر والتوقيع، وأكد أن قرار المجلس ملزم للوزير.
وأضاف أن الدباس لا يملك سوى تنفيذ قرار مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن قرار مجلس الوزراء المصغر يعتبر نافذاً.
** البخيت ينفي الأمر بالسريّة
من جهة ثانية، قال الشاهد إنه اطلع على قرار المجلس الوطني للسياحة المتضمن اعتبار الكازينو نشاطاً سياحياً بعد اتخاذ قرار مجلس الوزراء الذي استند إلى قرار المجلس الوطني.
لكنه أكد أن الزعبي كان شرح له مضمون هذا القرار قبل التوقيع.
وبين أنه "يفترض" أن يكون قرار المجلس الوطني للسياحة موجوداً قبل اتخاذ قرار مجلس الوزراء.
وقال إنه بالضرورة، تحفظ كافة الكتب والمرفقات في ديوان رئاسة الوزراء، و"أفترض وجود الاتفاقية (بعد توقيعها) في ديوان" الرئاسة.
وأضاف "إذا لم تحفظ (الكتب والمرفقات في الديوان) فهذا إهمال من الموظفين المختصين" ولا علاقة للوزراء به.
ونفى رئيس الوزراء الأسبق تماماً أن يكون طلب من أي أحد إخفاء كتب أو قرارات، تتعلق بموضوع الكازينو، مشيراً إلى أنه بعد انتهاء المفاوضات لم يكن هناك شيء سري، لكن في مرحلة التفاوض لا بد من السرية بسبب وجود عطاءات وعروض.
** تبرير إحالة القضيّة للنواب
وبرر البخيت إحالة القضية لمجلس النواب عندما شكل حكومته الثانية في شباط 2011، بأنها "استغلت سياسياً بطريقة بشعة، وتم خلق أوهام وخرافات وأساطير بأن هناك كازينو وفي الواقع لا يوجد ... وتم إشغال المجتمع الأردني بقضية افتراضية لم تحصل".
وحول منح أراض للمستثمر قال البخيت "ما فيش أرض .. ولا متر أرض" وأضاف "اخترعوا خسائر وهمية" فقررت "أصارح الرأي العام".
وأوضح أنه اتخذ هذه الخطوة "لأنني على ثقة بأنه لا يوجد (فساد أو ما شابه) في هذه القضية".
** تكليف النيابة بترجمة المبرزات
وفي مطلع الجلسة، كان المحامي الفاعوري طالب المحكمة بتأجيل الاستماع لشهادة البخيت، لأن معظم مبرزات النيابة العامة التي يرغب الدفاع بمناقشة الشاهد بها، هي وثائق أجنبية غير مترجمة.
كما طالب الفاعوري بتكليف النيابة بترجمة المبرزات إلى العربية، أو صرف النظر عن هذه المبرزات، وحصر بينتها بالمتوفر لديها من الأصول.
وبعدما رفضت المحكمة تأجيل الاستماع للشهادة، قررت في ختام الجلسة تكليف النيابة بإحضار صور مصدقة عن المبرزات التي لا يوجد لها أصول، وتزويد المحكمة بترجمة معتمدة لأي مبرز محرر بلغة غير العربية.