الاردن ما بين البالة والحثالة
بقلم : عبدالله الهريشات
البالة هي ما استعمل و بلي من الاشياء واستنفذ استعماله وقد لا يكون صالحا للاستعمال مرة اخري ، وفي النهاية مآلها الى الزبالة ، والبالة معظمنا يعرفها ومن منا لا يعرفها الا من كان من ابناء الذوات ، ولا بد ان بعضنا ممن ساء حاله قد نال منها نصيبا ولبس منها ما جذبه واستحلاه ولم ير في ذلك عيبا ، واحيانا قد يسبق الاثرياءُ الفقراءَ عليها علهم يجدون فيها ما هو اجود من المحلي الجديد ، فالاجنبي المستعمل ولو كان بالة قديمة قد يكون اجود من المحلي وان كان جديدا لنج ، فما بالك بحكومة البخيت محلية ومخلوطة وبالة ايضا فقد سبق ان تلبسناها وابليناها وتخزقت واضحت بالية مهترئة وها نحن نلبسها مرة اخرى رغما عنا ، وقد بليت وبدت منها السوءآت والعورات ، وقد بلينا ابتلاء بها ايضا مرة اخرى ، وقد تكون البالة سميت بذلك لانه اصابها بلاء شديد فبليت من هذا البلاء الذي لم تصبر عليه ،
وفي الحديث :
" أعوذ بالله من جهد البلاء، إلا بلاء فيه علاء " ،
وقال الشاعر:
بليت وفقدان الحبيب بلية *** وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
وكم من وزارات ابتلينا بها وتلبسناها مرات ومرات وصبرناعليها صبر ايوب وجلبت لنا المصائب والخطوب وعلينا الوبال والكروب ، والبالة هي التي لا يُلقى لها بالا عند كثير من الناس لانها قديمة بالية ، ولكنها في هذه الايام تاخذ كل بال لكل فقير الحال فيجد فيها الحَل والحلال والستر والجمال للأطفال والنساء والرجال ولكن حكومتنا البالة هذه هي للذوات ورجال الاعمال و لكل وارث متكبر مفسد في الارض متعال .
وان تكرر وزراؤنا واعياننا ونوابنا مرات ومرات وتكرارمن بعد تكرار ورغما عنا ومنا بلا اختيار فلا نقول الا كما قال القرم لما صبوا له خمسة عشر فنجانا من القهوة ، فقال من صب القهوة للقرم :
خمسة عشر فنجان للقرم صبيت***ولو كان قربة كاد ملاها
فرد عليه القرم :
ما اظن اني من قهوتك تقهويت***ما تقهوي الشيخان من كثر ماها
فهذه الحكومة واولئك الذين تحت القبة ليسوا بنواب انما نوائب على الاردن ولا تقنع بهم في الاردن عقول الاطفال الصغار فما بالك بالشيوخ والكبار؟ ، وهم مجلس غير شرعي جاء بالتزوير وحسبنا الله على من اتوا بهم وينتقم ربنا منهم جميعا ويجب ان يحاسبهم الشعب على مافعلوه وهم من حللوا الحرام واذاقوا البلاد والعباد الفقر والجوع والظلم وقد خذلوا الشعب والوطن ولم يكونوا له لسانا ولا حالا فهم يقدمون مكاسبهم على مصلح الامة فبئس ما يفعلون وارادوا ان يُرْدُونا ويَلْبِسُوا علينا ديننا (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) ) [الأنعام].
وفي أساس البلاغة : قال حبيب بن جدرة الهلاليّ:
يا با حسين والجديد إلى بلى *** أولاد درزة أسلموك وطاروا
يريد زيد بن عليّ رضي الله تعالى عنهما. ويريد بدرزة السفلة والخياطين اي (اصحاب البزنس) كالذين هم الان بيننا في ايامنا هذه وفي بلادنا هذه يفسدون وينهبون ويتوزرنون في الرخاء وهم اول من سيطيرون ويهربون عند الشدة والباساء الى جنيف ونيويورك ولندن وباريس ، وهؤلاء من الحثالة التي ساتحدث عنها فالتاريخ يعيد نفسه وفيه العبر لكل حصيف معتبر.
تلك هي البالة اما الحثالة وما ادراك مالحثالة ؟ وما قد قيل عن وزراءنا ونوابنا واعياننا بانهم مخابرات و حثالة فهذا ما قالته وثائق ويكليكس على لسان وزير اردني ولعله صدق فيما قال لانه منهم ويعرفهم ، وانا لم اقله بل سافسر معنى الحثالة فقط لغويا لاحقا .
لا ضير ان يكونوا مخابرات ولاعيب في ذلك ان كانوا يحافظون على الوطن وامنه من الاعداء والعملاء والمرجفين والفاسدين ويسعون للصالح العام والاصلاح ، ولكن العيب كل العيب والاجرام كل الاجرام عندما يكونوا مخابرات فاسدين يبيعون الوطن بثمن بخس ويستغلونه لمصالحهم ومكاسبهم الخاصة ويتكرشون على حسابه مع الفاسدين ممن جاؤا بهم من نواب واعيان ووزراء فتكرشوا هم وابناءهم واحفادهم وعاثوا فسادا وصاروا خطرا على امننا القومي وحياتنا وهم اضحوا بذلك في صفوف الاعداء من خونة وعملاء وحرامية .
اما الحثالة لغويا ففي اساس البلاغة:
هو من حثالة الناس أي من رذالتهم. وحثالة الطعام ما سقط منه إذا نقّي. ويقال للرديء من كل شيء: حثالته. وتقول: ما بقي من الناس إلا حثاله، لا يبالي بهم الله باله. وما فلان إلا قصالة وحثالة أي سفلة. وفي المزهر الحُثالة والحُفالة: الرَّديء من كلِّ شيء وفي الحديث لا تقوم الساعة إِلا على حُثَالة الناس اي على شرارهم واراذلهم ومن لاخير فيهم.
وفي مسند أحمد :حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ إِذَا مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ يُونُسُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ يَصِفُ ذَاكَ قَالَ قُلْتُ مَا أَصْنَعُ عِنْدَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِخَاصَّتِكَ وَإِيَّاكَ وَعَوَامَّهُمْ).
وفي الأغاني :قال جميل يهجو بني الأحب رهط قطبة ويهجو النخار:
إن أحب سفلٌ أشرار ... حثالةٌ عودهم خوار
أذل قومٍ حين يدعى الجار ... كما أذل الحارث النخار
هذا هو امر البالة والحثالة عندما يطغى الفساد ويوسد الامر الى غير اهله في البلاد على العباد وفي النهاية سيلقي العباد احرار البلاد بهذه البالة والحثالة في الزبالة ، ورحم الله القائل في تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)
وأيام خلت من كل خير*** ودنيا قد توزعها الكلاب
كلاب لو سألتهمُ ترابا*** لقالوا عندنا انقطع التراب